بقي الكلام في أن أظهر الطرق ماذا؟ وفي أن الأظهر من صحَّة الرهن وفساده ماذا؟ أما الأول فالحق ما ذكره صاحب "الشامل"، وهو أن الطريق الأول أقرب إلى القياس.
والثاني: أقرب إلى النص.
والثالث: أبعد الثلاثة.
أما كون الأول أقرب إلى القياس فلان في كون التَّدْبير وصية، أو تعليق عِتْق بصفة قولين معروفين، وقضية كونه وَصِيّة صحة الرهن.
وأما كون الثَّاني أقرب إلى النص، فلأن كلامه في "الأم" كالصَّريح في القطع بالمنع؛ لأنه قال: "ولو دبره ثم رهنه كان الرَّهْن مفسوخاً"، ولو قال: رجعت عن التدبير، ثم رهنه فقولان، فخص القولين بما بعد الرجوع.
وأما الثَّاني فعامة الأصحاب مائلون إلى تَرْجِيح البطلان، كما نص عليه وربما وجهوه بأن العتق مستحق بالتدبير، فلا يقوى الرهن على دفعه، واختار الإمام وصاحب الكتاب ترجيح الصحة. قال الإمام: أما إذا قلنا: إنه وصية فظاهر.
وأما إذا قلنا: إنه تعليق عِتْق بصفة؛ فلأنه مع ذلك محسوب من الثلث، بخلاف العتق المعلق النازل في حياة المعلق، والدَّيْن محسوب من رأس المال.
ولو مات ولمْ يخلف إلاَّ هذا العبد، والدين مستغرق ولا رهن لصرفناه إلى الدين، ولم نبال ارتفاع العتق، فلا معنى لمنعه من الرهن لغرض العتق.
وقوله في الكتاب (وفيه قول مخرج) إنما سماه مخرجاً؛ لأن المنصوص البطلان، وهذا مخرج من أن التدبير وصية، وطريقة القولين هي التي أوردها في الكتاب، ويجوز الإعلام بالواو لغيرهما.
الرابعة: الرهن المعلق عتقه بصفة تصوره على وجوه: أحدها: أنْ يرهن بدين حال أو مؤجل يتيقن حلوله قبل وجود الصفة، فهو صحيح ويباع في الدين، فلو لم يتفق بيعه حتى وجدت الصفة، فيبنى على القولين في أنَّ أمر الاعتبار في العِتْق المعلق بحالة التعليق، أم بحالة وجود الصفة؟ من قلنا: بالأول عتق، وللمرتهن فَسْخ البيع المشروط فيه الرَّهْن إن كان جاهلاً (?).