وإن قلنا بالثَّاني فهو كإِعتاق المرهون، وسيأتي.
والثاني: أن يرهن بدين مؤجل، يتيقن وجود الصِّفَة قبل حلوله، ففيه طريقان:
عن صاحب الإفصاح: أنه على القولين في رَهْن ما يتسارع إليه الفساد، فعلى قول: يباع إذا قرب أوان وجود الصفة، ويجعل ثمنه رهناً.
قال الإمام: وهذا البناء إنما ينتظم إذا قلنا بنفوذ العِتْق المعلق قَبْل الرهن عند وجود الصِّفَة حالة الرهن.
أما إذا لَمْ نقل بذلك فلا نخاف تسارع الفساد إليه، وفوات الوثيقة فيوجه الخلاف بشيء آخر، وهو أن الرهن هل يصلح دافعاً للعِتْق المستحق بالتعليق؟
فتارة نقول: نعم كالبيع وأخرى نقول: لا لضعفه.
والطريق الثاني، وهو المشهور: القطع بالمنع لفوات مقصود الرَّهْن قبل المحل، وليس ذلك كرهن ما يستارع إليه الفساد؛ لأن الظَّاهر من حال صاحب الطَّعام الرِّضا بالبيع عند خوف الفساد كيلا يضيع، والظَّاهر من حال المعلق إِمْضَاء العتق.
والثالث: أن لا يتيقن واحد من الأمرين، بل يَجُوز تقديم الصِّفَة على حلول الدَّين وبالعكس فقولان:
أصحهما: المَنْع لما فيه من الغَرَر.
والثاني: وبه قال أبو حنيفة وأحمد: أنه يصح؛ لأن الأصل استمرار الرق.
وقال القاضي أبو الطيب: هذا مخرج من تَجْويز رهن المُدَبّر بناء على أن التَّدْبِير تعليق عتق بصفة.
وعن صاحب "الإفصاح" طريقة قاطعة بالمنع هاهنا، فهذا كلام الأصحاب في المسألة، وقد عرفت منه فتواهم بالبطلان، وإيراد صاحب الكتاب يقتضي ترجيح الصحة هاهنا، والله أعلم.
قال الغزالي: وَيَصِحُّ رَهْنُ الثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلاَحِ، وَالأَصَحُّ جَوَازُهُ أَيْضاً قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلاَحِ وإنْ لَمْ يَشْتَرِطِ القَطْعَ، وَلَكِنْ عِنْدَ البَيْعِ يُشْتَرَطُ القَطْعُ، وَقِيلَ: لاَ يَجْوزُ إِلاَّ بالتَّصْرِيحِ بِالإِذْنِ فِي شَرْطِ القَطْعِ عِنْدَ البَيْعِ.
قال الرَّافِعِيُّ: إذا رهن الثمار على الأشجار، فأما أن يرهنها مع الأشجار، أو وحدها.
الحالة الأولى: أن يرهنها مع الأشجار، فينظر إنْ كانت الثمرة مما يمكن تجفيفها