بقي قوله: "والملك" اعلم أن المصنف -رحمه الله- حكى خلافاً في اشتراط اتِّحَاد المِلْك، ورُبَّما يشير إليه كلام الإمام ولا بُدَّ من البَحْث عن موضعه وكيفيته، فنقول: إذا بَدَا الصَّلاحَ في ملك غيره، ولم يبد في ملكه لم يخل: إما أن يكونا في بستان واحد، أو في بستانين.

فإن كانا في بستان واحد، وباع ملكه فقد ذكرنا وجهين، فيما لو كان الكل ملكه، وأفرد ما لم يبد في الصَّلاحَ بالبيع وهل يعطى له حكم ما بَدَا فيه الصَّلاحَ حتى يستغنى فيه عن شَرْط القَطْع أم لا؟ وهو المراد من الخلاف في اعتبار اتِّحَاد الصَّفقة، فإن ثبت الخِلاَف في اعتبار اتِّحَاد الملك والحالة هذه، فسبيله أن يقال: أحد الوجهين أن الحكم، كما لو كان ما بدا فيه الصلاح ملكه، فيطرد الوجهان.

والثاني: القطع بالمنع، وإن كانا في بُسْتَانين فقد نقل الإمام القطع بأنه لا عِبْرَة به، ولا نظر إلى بُدُوِّ الصلاح في بستان غير البائع، لكنا إذا لم نفرق فيما بدا فيه الصَّلاحَ من ذلك البُسْتَان، ولم يدخل في البَيْع بين أنْ يكون ملك البائع أو ملك غيره، فقياسه أن لا يفرق فيما بدا فيه الصَّلاَح في بستان آخر أيضاً إذا لم يشترط اتحاد البستان، والله أعلم.

ثم حيث ثبت الخلاف في اعتبار اتِّحاد الملك هاهنا فهو جائز في التَّأْبير أيضاً، وإن لم يجر ذكره ثم، والظاهر أنه غير معتبر في الموضعين.

والثانية: بُدُوِّ الصلاح في الثمار بظهور النِّضْج ومبادئ الحلاوة، وزوال (?) العُفُوصَة أو الحُمُوضة المُفْرَطين، وذلك فيما لا يتلون بأن يتمَوَّه ويلين وفيما يتلوّن بأن يحمر أو يصفر أو يسود. "نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَزْهَى، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا تَزْهَى؟ قال: حتى تَحْمَرَّ أَوْ تَصْفَرَّ" (?).

واعلم أن هذه الأوصاف، وإن كان يعرف بها بُدُوِّ الصلاح في الثِّمَار، لكنها ليست ولا واحد منها بشرط في تفسير بُدُوِّ الصلاح، لأن القِثَّاء لا يفرض فيه نُضْجٌ ولا حَلاَوَة، وليس فيه عُفُوصَة ولا حُمُوضَة حتى تزول، بل يُسْتَطاب أكله في الصغر كما يستطاب في الكِبَر، ولذلك قال في الكتاب: "بأن يطيب أكلها ويأخذ الناس في الأكل"، فاعتبر مع طيب الأكل أخذ الناس فيه، وذلك في القِثَّاء بأن يكبر بحيث يجتنى في الغالب ويؤكل، وفي الصغر تؤكل على سبيل النُّدُور، وأيضاً فإن بُدُوّ الصَّلاح في الزرع يحصل عند اشْتِدَاد الحَب، ولا يفرض فيه عَفُوصة ولا حموضة، ولا نُضْج وحلاوة على أن اعتبار الأكل غير معتبر في تفسير مطلق بُدُوِّ الصَّلاح أيضاً، لأن صاحب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015