"التهذيب" ذكر أن بيع أوراق الفِرْصَاد، قبل تناهيها لا يجوز إلاَّ أنْ يشترط القطع وبعده يجوز مطلقاً، ويشترط القطع، فجعل تناهي الورق صلاحاً له وأنه غير مأكول.
إذا تقرر ذلك، فلو قال قائل: بدو الصَّلاحَ في هذه الأشياء صَيْرُورَتها إلى الصِّفَة الَّتِي تطلب غالباً لكونها على تلك الصِّفَة لكان قد ذكر عبارة شاملة، والله أعلم.
قال الغزالي: وَبَيْعُ البطِّيخِ إِنْ كَانَ مَعَ الأُصُولِ يَتَقَيَّدُ (و) بِشَرْطِ القَطْعِ قَبْلَ الصَّلاَحِ إِلاَّ إِذَا بِيعَ مَع الأَرْضِ، وَبَيْعُ أُصُولِ البَقْلِ لاَ يُتَقَيَّدُ بِهِ إِذْ لاَ يتعَرَّضُ لِلآفَةِ.
قال الرَّافِعِيُّ: بيع البطيخ قبل بُدُوِّ صلاحه لا يجوز من غير شَرْط القَطْع، وإنْ بدا الصلاح في كله أو بعضه نظر: إنْ كان يخاف خروج غيره، فلا بد من شَرْط القَطْعِ أيضاً؛ لأنه إذا وجب شرطه خوفاً من الجَائِحَة الَّتِي الغالب فيها العدم، فلأن يجب خوفاً من الاختلاط الذي الغالب فيه الوجود كان أولى، فإن شرط القَطْع ثم لم يتفق حتى خرج غيره، واختلط المبيع بغير المبيع ففي انفساخ البيع قولان نذكرهما في نظائرهما.
وإن كان لا يخاف خروج غيره جاز بيعه من غير شرط القَطْع، هذا إذا أفرد البَطِّيخ بالبيع ووراءه حالتان:
إحداهما: لو أفرد أصوله بالبيع، ذكر العراقيون وغيرهم أنه يَجُوزُ ولا حاجة إلى شرط القَطْع إذا لم يخف الاختلاط كبيع الزَّرْع الَّذِي اشتاد حَبُّه ثم الحمل الموجود يبقى للبائع، وما يحدث بعده يكون للمشتري، وإن خِيفَ اختلاط الحملين فلا بد من شرط القطع، فإن شرط ولم يتفق القطع حتى وقع الاخْتلاط، ففيه طريقان سنذكرهما في نَظِيْرِهما. ولو باع قبل خروج الحمل، فلا بد من شرط القَطْع أو القَلْع كالزَّرع الأخضر، وإذَا اشترطه ثم اتفق بقاؤه حتى خرج الحمل، فهو للمشتري.
الثَّانية: لو باع البَطِّيخ مع أصوله، فجواب الإمام وصاحب الكتاب أنه لا بُدَّ من شرط القَطْع بخلاف ما إذا باع الثَّمرة مع الشَّجرة؛ لأن الشجرة غير متعرّضة للجَائِحَة، والبطيخ مع أصولها متعرّضة لها، فلو باعها مع الأرض استغنى عن شرط القطع، وكأن الأرض هاهنا كالأشجار ثم. وقضية ما نقلناه فِي بَيْع الأُصُول وحدها، إذا لم يَخْف الاختلاط أنه لا حاجة إلى شرط القطع، فليعلّم قوله: (يتقيد (و) بشرط القطع) بالواو لذلك، وقوله: (وبيع أصول البقل) إلى آخره منازع فيه أيضاً، وساذكره في الفصل التالي لهذا والبَاذِنْجَان، وشجرة كالبَطِّيخ في الأحوال الثلاث.
فرع لابن الحَدَّاد: لو باع نِصْفَ الثِّمَار على رُؤوس الأَشْجَار مَشَاعاً قبل بُدُوِّ الصلاح، لم يصح وعَلَّلوه بأنَّ البيع والحالة هذه يفتقر إلى شرط القطع، ولا يمكن قطع النّصف إلاَّ بقطع الكُلِّ فتضرر البائع بِنُقْصان غير المبيع أشبه ما إذا باع نصفاً معيناً من