ثم نتكلم في عبارات الكتاب. وقوله: "بكل حال" معلّم بالحاء؛ لأنه يتناول البيع بشرط التَّبعية، وقد سبق أن أبا حنيفة لا يجوزه.

قوله: (وموجب الإطلاق التبعية) مستغنى عنه لأن في قوله: (وموجب إطلاقه استحقاق الإبقاء على القطَاف) ما يغني عنه، ثم هو مُعَلَّم بالحاء، وكذا قوله: (بطل إلاَّ بشرط القطع) لما مر. وقوله: "لأنها تتعرض للعاهات، فلا يوثق بالقدرة على التسليم إلى القطاف)، أراد به أن تمام التسليم إنما يحصل بالقطَف، وهو يعرض الجَوَائح والآفات قبل ذلك، فالقدرة على التسليم إذًا غير موثوق بها لكن في كون الأمر كذلك مزيد كلام ستعرفه في مسألة الجوائح، وما بعدها إن شاء الله تعالى.

وقوله: (لفقد العلة المذكورة) أراد به أن تمام التَّسْليم هاهنا يحصل بالتَّخلية، ولا يتوقف على القطَاف لكون الأُصول مملوكة له.

وقوله: (ففي إلحاق العرف الخامس بالعام خلاف) ليس فيه تصريح بحكم المسألة، لكن فيه إشارة إلى مأخذها، معناه في الاستغناء عن شرط القَطْع، خلاف وجه الاستغناء حمل المطلق على القطع المعهود، كما يحمل المطلق على الإبقاء المعهود، ذهاباً إلى أن المعهود بالعرف الخَاصّ كالمعهود العام.

قال الغزالي: ثُمَّ اتَّفَقُوا علَى أَنَّ وَقْتَ بُدُوِّ الصَّلاحَ كَافٍ (ح) كَمَا فِي التَّأبِيرِ وَلَكِنْ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الجِنْسِ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغي أَنْ يَتَّحِدَ النَّوْعُ وَالبُسْتَانُ وَالمِلْكُ، وَالصَّفْقَةُ، فَلَوِ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ خِلاَفٌ، وَصَلاحُ الثِّمَارِ بِأَنْ يَطِيبَ أَكْلُهَا وَيَأْخُذَ النَّاسُ فِي الأَكْلِ وَذَلِكَ بِظُهُورِ مَبَادِي الحَلاَوَةِ.

قال الرَّافِعِيُّ: في الفصل قَاعِدَتَان لا بد من معرفتهما في الباب:

الأولى: لا يشترط للاستغناء عن شرط القطع بُدُوِّ الصلاح في كل عنقود، بل إذا باع ثمار شجرة بَدَا الصَّلاح في بعضها صح من غير شرط القطع، ولو باع ثمار أشجار بدا الصَّلاحَ في بعضها، نظر إن اختلف الجنس لم يعتبر بدو الصَّلاحَ في أحد الجِنْسَين حكم الجنس الآخر، حتى لو باع الرطب والعنب صفقة واحدة، ولم يَبْدُ الصَّلاح في أحدهما وجب شرط القَطْع فيه، وإن اتَّحد الجِنْس فالنَّظر في اتِّحاد النوع واختلافه، وبتقدير الاتِّحاد فالنظر في اتحاد البُسْتَان وتعدده، وبتقدير الاتحاد فالنظر في بيعها صفقة واحدة، وإفراد ما لم يَبْدُ الصَّلاحَ فيه بالبَيْع وحكم الأَقْسَام على ما مر في البَابَيْن بلا فلاق حتى أن الأصح أنه لا يبيعه عند الإِفْرَاد، وأنه لا أثر لاختلاف النوع، وأنه لا يتبع بُسْتان بستاناً، وبهذا قال أحمد، وعن مالك أنَّ البُسْتَان يتبع البستان إذا تجاورا، وربما نقل عنه الضَّبط ببساتين البلدة الواحدة، هذه إحدى القاعدتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015