الحالة الثانية: أن يكون في بستانين فحيث قلنا في البستان الواحد، إن كل واحد من المُؤَبَّر وغير المؤبر يفرد بحكمه فهاهنا أَوْلى، وحيث قلنا بأن غير المؤبر يتبع المؤبر فهاهنا وجهان:
أصحهما: أن كل بستان يفرد بحكمه، والفرق أن لاختلاف البِقَاع تأثيراً في وقت التَّأبير، وأيضاً فإنه يلزم في البُسْتان الواحد ضَرَرُ اختلاف الأيدي، وسوء المُشَاركة، ولأن للخطة الواحدة من التَّأثِير في الجمع ما ليس للخُطَّتَين، أَلاَ تَرَى أن خطة المسجد تجمع بين [الإمام والمأموم] (?)، وإن اختلف البناء وتباعدت المَسَافة بينهما، ولا فرق بين أن يكون البستانان متلاصقين أو متباعدين.
فروع:
أحدهما: إذا باع نخلة وبقيت الثمرة له، ثم خرج طَلْع آخر من تلك النَّخْلة أو من نخلة أخرى، حيث يقتضي الحال اشتراكهما في الحال ففيه وجهان:
أصحهما: أن الطَّلْع الجديد للبائع أيضاً، لأنه من ثمرة العام.
وقال ابن أبي هريرة: إنه للمشتري، لأنه حدث من ملكه بعد البيع.
الثاني: لو جمع في صفقة واحدة بين فحول النخل وإناثها، كما لو جمع بين نوعين من الإناث.
الثَّالث: قال في "التهذيب": تشقق بعض الجَوْزَق من الكُرْسُف كتشقق الكل وما تشقق من الورد يبقى للبائع، وما لم يتشقق يكون للمشتري، وإنْ كانا على شجرة واحدة ولا يتبع البعض البعض، بخلاف ثمر النخل، لأن المتشقق لا يقطع بل يترك إلى إدراك الكل، وما تشقق من الورد يُجْتَنى ولا يترك إلى تشقُّق الباقي، وذكر أيضاً أن التِّين والعِنَب إن ظهر بعضه دون بعض، فما ظهر يكون للبائع، وما لم يظهر يكون للمشتري، وهذه الصورة الأخيرة محل التوقف، والله أعلم.
وأما لفظ الكتاب فقوله: (وغير المؤبر يندرج) يحتاج إلى قيد آخر، وهو أن لا يتشقق بنفسه إذ لو تشقق لما اندرج، وإن لم يؤبّر على أنّ بعضهم، فسر التَّأَبير بما يدخل فيه التشقيق والتشقق، فعلى ذلك الاصطلاح يستمر الكلام على ظاهره.
وقوله: (كل ثمرة بارزة ظهرت للناظرين) أي إما في ابتداء الوجود كالتِّين، أَو بالتَّفتح كالوَرْد، أو بالخروج من النَّوْر على التفصيل السابق.
وقوله: (نظراً إلى وقت التأبير) هذا التوجيه يقتضي أن يكون أحد البستانين تابعاً