للآخر لدخول وقت التأبير، لكن الظاهر خلافهُ على ما مَرَّ، فهو إذاً محمول على نخيل البُسْتَان الواحد، وفي قوله: (هذا إذا اتحد النوع، وشملت الصفقة) مثل هذا الكلام المعني وإن اتَّحد البستان، إلاَّ أن يجاب بالوجه الآخر والله أعلم.
قال الغزالي: وَلَيْسَ لِمُشْتَرِي الأَشْجَارِ أَنْ يُكَلِّفَ قَطْعَ الثِّمَارِ، بَلْ لَهُ (ح) الإِبْقَاءُ إِلَى أَوَانِ القِطَافِ لِلعُرّفِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْقِيَ الأشجار إِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَتَضَرَّرُ صَاحِبُهُ، وإنْ تَقَابَلَ الضَّرَرَانِ فَأيُّهُمَا أَوْلَى بِهِ؟، فِيهِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ: أصَحُّهَا: أَنَّ المُشْتَرِيَ أَوْلَى إِذَا الْتَزَمَ البَائِعُ سَلاَمَةَ الأشجار لَهُ، وفِي الثَّالث: يَتَسَاوَيَانِ فَيُفْسَخُ العَقْدُ لِتَعذُّرِ الإِمْضَاءِ إِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا، وَمَهْمَا لَمْ يَتَضَرَّرِ الثِّمَارُ بِالسَّقْي وَتَضَرَّرَ الشَّجَرُ بِتَرْكِ السَّقْي فَعَلَى البَائِعِ السَّقْيُ أَو القَطْعُ.
قال الرَّافِعِيُّ: في الفصل صور:
إحداها: إذا باع الشَّجرة، وبقيت الثَّمرة للبائع، فإن شرط القَطْع في الحال لزمه القطع، وإنْ أطلق فليس للمشتري أنْ يكلفه القطع في الحال، بل له الإبقاء إلى أوان الجُذَاذ في النَّخل، والقِطَاف في العنب، وبه قال مالك وأحمد وقال أبو حنيفة: يلزمه القطع في الحال، ولو شرط الإبقاء فسد. لنا: أن مطلق العقد محمول على المعتاد، والمعتاد في الثمار الإبقاء، حتى لو كانت الثمرة من نوع يعتاد قطعها قبل النضج يكلف القطع، وإذا جاء وقت الجُذَاذ لا يمكن من أنْ يأخذها على التَّدْريج، ولا يؤخر إلى نِهَاية النُّضْج. واعلم: أنه حكي اختلاف القول في جواز إبقاء الثَّمَار في صورتين:
إحداهما: لو تعذر السَّقْى لانقطاع الماء، وعظم ضرر النَّخِيل بإبقاء الثمار، ففيه قولان منقولان عن "الأم". قال أبو القاسم الكرخي: أصحهما: أنه له الإبقاء دفعاً للضَّرر عن المشتري. الثانية: لو أصاب الثَّمَار آفة، ولم يكن في إبقائها فائدة، هل له الإبقاء؟ عن رواية صاحب "التقريب" فيه قولان:
الصورة الثانية: سقي الثّمار عند الحاجة على البائع، وعلى المشتري تَمْكينه من دخول البُسْتَان ليسقي فإن لم يأتمنه نَصَّب الحاكم أميناً للسَّقي، ومُؤْنَته على البائع، وإذا كان السَّقْي ينفع الثِّمَار والأشجار معاً، فلكل واحد من البَائِع والمشتري السَّقْى، وليس للآخر منعه، وإن كان بضربهما معاً فليس لأحدهما السَّقي، إلاَّ يرضا الآخر (?)، وإن أضر بالثمار ونفع الأشجار، فأراد المشتري أن يسقي، ونازعه البائع فوجهان: