إذا بيع الأصل بعد تَنَاثُر النَّوْر عنه، فإن بيع قبله عاد فيه الكلام السابق.
فرع: الكُرْسُف وهو القُطْن نوعان:
أحدهما: ما له ساقٌ تبقى سنين، وتثمر كل سنة، وهو كُرْسُف الحجاز والبصرة والشَّام، فهو كالنَّخْل إِنْ بيع أصله قبل خروج الجوزق أو بعده وقبل تَشَقُّقه، فالحاصل لِلْمُشْتري وإنْ بيع بعد التَّشقق فهو للبائع.
والثاني: ما لا يبقى أكثر من سنة فهو كالزرع، فإن باعه قبل خروج الجوزق أو بعده، وقبل تكامل القطن فلا بد من شرط القطع، ثم إن لم يتفق القطع حتى خرج الجوزق، فهو للمشتري لحدوثه من عين ملكه.
في "التهذيب": وإنْ باعه بعد تَكَامُل القطن، فإن تشقق الجوزق صح البيع مطلقاً، ودخل القطن في البيع بخلاف الثمرة المُؤَبَّرة، لا تدخل في بيع الشَّجرة، لأن الشَّجرة مقصودة لثمار سائر الأَعْوام، ولا مقصودها هنا سوى الثَّمرة المَوْجُودة، وإن لم يَتَشَقَّق لم يجز البيع في أصح الوَجْهَين؛ لأن المقصود مستتر بما ليس من صلاحه، بخلاف الجَوْز واللَّوْز في القِشْرة السُّفلى.
الأمر الثاني: لا يشترط لبقاء الثَّمرة على ملك البَائِع التَّأْبير في كل كِمَام وعُنْقُود لما في تتبع ذلك من العسر بل إذا باع نخلة أبو بعض طَلْعها بقي الكُل للبائع، وجعل غير المُؤَبّر تابعاً للمؤبر، وذلك أَوْلى من أن يعكس، فيجعل المؤبر تابعاً لغير المُؤَبّر؛ لأن المُؤَبَّر ظاهر وإتباع الباطن الظاهر أولى، كما أنّ باطن الصُّبْرَة تبع لظاهرها في الرؤية، ولأن الباطن سائر إلى الظهور بخلاف العكس.
ولو باع نخلات طلع بعضها مُؤِبَّر وطلع البعض غير مؤبر، فلها حالتان:
إحداهما: أن يكون في بُسْتَان واحد، فينظر إن اتَّحد النوع، وباعها صفقة واحدة، فالحكم كما في النَّخْلَة الواحدة، إذا أبَّر بعض ثمرها دون بعض، وإن أفرد ما لم يؤبر طلعه فوجهان:
أحدهما: أنه يبقى للبائع، وأيضاً لدخول وقت التأبير، والاكتفاء به عن نفس التأبير.
وأصحهما: أنه يكون للمشتري، لأنه ليس في المبيع شيء مُؤَبَّر، حتى يجعل غير المؤبر تبعاً له، فيبقى تبعاً للأصل، وإن اختلف النوع فوجهان:
أحدهما، وبه قال ابن خيران: أن غير المُؤَبَّر يكون للمشتري والمؤبر للبائع؛ لأن لاختلاف النوع تأثيراً بينا، في اختلاف الأيدي وقت التأبير. وأصحهما: أنّ الكل يبقى للبائع كما لو اتحد النوع دفعاً لضرر اختلاف الأيدي وسوء المشاركة.