الوجوب، واعلم أن ظاهر المذهب جواز التيمم، وإن علم الوصول إلى الماء في آخر الوقت، روى أن ابن عمر -رضي الله عنه-، أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمريد تيمَّمَ وصلَّى العصر، فقيل له: أتتيمم وجدران المدينة تنظر إليك؟ فقال: أَوَ أَحْيىَ حتى أدخلها؟ ثم دخل المدينة والشمس حَيَّة مرتفعة فلم يُعِدِ الصلاة (?).
وإذا جاز التَّيمم في حق من يعلم الانتهاء إلى الماء في صوب سفره، فأولى أن يجوز للنَّازل في بعض المراحل إذا كان الماء على يمينه أو يساره، لزيادة مشقة السير لو سعى إليه، وإذا جاز التيمم للنَّازل فهو للسائر أجوز، وهذا في حَقِّ المسافر.
أما المقيم فذمَّتُهُ مشغولة بالقضاء، وإن صلَّى بالتيمم فليس له أن يصلي بالتيمم، وإن خاف فوات الوقت لو سَعى إلى الماء وتوضَّأ، وإذا كان ممنوعاً من الصلاة بالتيمم مع فوات الوقت فأولى أن يكون ممنوعاً عنها في أول الوقت.
قال الغزالي: ثُمَّ إنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ المَاءِ قَبْلَ مُضِيِّ الوَقْتِ، فَالأَوْلَى التَّأخِيرُ قَوْلاً وَاحِداً، فَإِنْ تَوَقَّعَهُ بِظَنٍّ غَالِبٍ فَقَوْلاَنِ لِتَقَابُلِ نَفْسِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الوَقْتِ مَعَ ظَنِّ إدْرَاكِ الوُضُوءِ.
قال الرافعي: هذا تِفْرِيعٌ على جواز التيمم، وإن أمكن الوصول إلى الماء قبل مضي الوقت وقد ذكرنا الخلاف فيه، فإن جوزناه وهو المذهب.
فنقول الأولى أن يؤخر إلى أن يصلي (?) بالوضوء، لأن فضيلة الصلاة بالوضوء أولى من تعجيل الصلاة أو أن يعجل الصلاة (?) بالتيمم نظر إن تيقن وجود الماء في أخر الوقت، فالأولى أن يؤخر ليصلي بالوضوء، لأن فضيلة الصَّلاة بالوضوء وإن كان في آخر الوقت، أبلغ من فَضِيلَةِ الصلاة بالتيمم في أوله، أَلاَ ترى أن تأخير الصلاة إلى آخر الوقت جائز مع القدرة على أدائها في أوله، ولا يجوز التيمم مع القدرة على الوضوء هذا ما قطع به الأكثرون، وبه قال صاحب الكتاب، حيث قال: "قولاً واحداً" وحكى