تلك، وخرج منها وكذلك بالعكس، ويجوز أن يُرَادَ بالنقل الرواية، ويكون المعنى في كل واحدة من الصُّورتين قول منقول، أي: مروى عنه، وآخر مخرج: ثم الغالب في مثل ذلك عدم إطْبَاقِ الأصحاب على هذا التصرُّف؛ بل ينقسمون إلى فريقين:
منهم من يقول به، ومنهم من يأبى، ويستخرج فارقاً بين الصورتين يستند إليه افتراق النصين، وإنما ذكرنا هذا الكلام في هذا الموضع، لأنه أول موضع ذكر فيه المصنف النقل والتَّخْرِيج، وإذا عرفت ذلك فنقول. أما من قرر النَّصَّين، فرق بأن المسافر قد يَتَيَامَنُ وَيَتَيَاسَرُ في حَوَائِجِهِ، ولا يمضي في صَوْبِ مقصده، ثم يرجع قَهْقَرَى، وجوانب المنزل منسوبة إليه دون ما بين يديه: وأما من جعل الصورتين على قولين، وَجَّهَ تجويز التيمم بأنه فاقد للماء في الحال، والمَنْعُ بأنه قادر على الوصول إلى الماء، والتيمُّم إنما يعدل إليه عند الضرورة، وهذه الطريقة أَظْهَرُ من الأولى؛ لأن لأصحابنا أن يقولوا للأوّلين: المسافر ما دام سائراً لا يعتاد المضي يَمِيناً وَشَمَالاً، كما لا يرجع قَهْقَرَى. وإذا كان في المنزل انتشر في (?) الجوانب كُلِّهَا يعود إلى منزله، فالفرق ممنوع، وما ذكرناه من الطريقين نقل صاحب الكتاب، وإمام الحرمين في آخرين.
وقال في التهذيب: إذا كان الماء على طريقه، وهو يتيقَّن الوصول إليه قبل خروج الوقت، وصلى في [أول] (?) الوقت بالتيمم جاز. وقال في الإملاء لا يجوز، بل يؤخر حتى يأتي الماء والمذهب الأول. وإن كان الماء على يمينه أو يساره أو ورائه لم يلزمه إتيانه، وإن أمكن في الوقت؛ لأن في زيادة الطريق مشقة عليه كما لو وجد الماء يباع بأكثر من ثمن المِثْلِ لا يلزمه الشراء.
وقيل: لا فرق، بل متى أمكنه أن يأتي الماء في الوقت من غير خوف، فلا فرق بين أن يكون على يمينه أو يساره أو أمامه، في جواز التيمم قولان، هذا ما رواه وبينه وبين الكلام الأول بعض المباينة توجيهاً وحكماً.
أما التوجيه فظاهر، وأما الحكم فلأن هذا الكلام إنما يستمر في حق السائر، وقضيته نفي الفرق بين الجوانب في حق النازل في المنزل؛ لأنه يحتاج إلى الرُّجُوع إلى المنزل من أي جانب مضى إلى الماء، وفي زيادة الطريق مَشَقَّة، وأما الكلام الأول فقضيته الفرق بين الجوانب في حق المنازل أيضاً؛ إلاَّ أن ذلك الفرق ممنوع كما تقدم، وأيضاً فإن منقول صاحب الكتاب يقتضي كون السَّعْي إلى ما يكون على اليمين واليسار أولى بالإيجاب، وما ذكره في التَّهْذِيب يقتضي كون الإيجاب فيما على صوب القصد أولى؛ لأنه جعل فيه قولين، وفيما على اليمين واليسار طريقين، وجزم في أحدهما ينفي