في التتمة خلافاً في الأولى التقديم، أو التأخير على ما سنحكي نظيره في الحالة الثانية، ذلك أن تعلم قوله: "قولاً واحداً" بالواو إشارة إلى هذا الخلاف.
وإن لم يتيقن وجود الماء في آخر الوقت، ولكن رجاه فقولان:
أصحهما: التعجيل في أول الوقت بالتيمم أفضل (?) لأَنَّهُ سُئِلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ فَقَالَ: "الصَّلاة فِي أوَّلِ وَقْتِهَا" (?)، ولم يفرق بين أن يكون بالوضوء، أو بالتيمم؛ ولأن فضيلة الأولويَّة نَاجِزَةٌ، وهي تفوت بالتأخير يقيناً، وَفَضِيلَةُ الوضوء غير معلومة الحصول، فَصَيَانَةُ النَّاجِزِ (?) عن يقين الفوات أولى من المُحَافَظَةِ على أمر موهوم.
والثاني: وبه قال أبو حنيفة أن التأخير أفضل؛ لأن الإيراد بالظهر، وتأخيرها عند شدة الحَرِّ مأمور به، كي لا يختل معنى الخشوع، فالتأخير لإدراك الوضوء أولى أن يؤمر به. واحتج في "الوسيط" للقول الأول بأن تَعْجِيلَ الصَّلاة منفرداً أفضل من تأخيره لحيازة الجماعة، وكذلك فعل إمام الحَرَمَيْنِ، لكن أبا علي الطَّبَرِي ذكر في "الإِفْصَاحِ" أن التأخير لِحِيَازَةِ الجماعة أفضل، واحتج به للقول الثاني، وتوسط آخرون فجعلوا المسألة على وجهين مبنيين على القولين في المسألة التي نحن فيها (?) ثم لا يخفى أن موضع القولين ما إذا اقتصر على صلاة واحدة، أما إذا صلى بالتيمم في أول الوقت وبالوضوء في آخره فهو النهاية في إِحْرَازِ الفضيلة.