مِنْكُمْ} (?). إلى قوله (صياماً).

أما الثاني: وهو ما ليس بمثلي كَالْعَصَافِيرِ وغيرها من الطيور على ما ستعرف ضروبها ففيه قيمته، ولا يتصدق بِهَا، بل يجعلها طَعَاماً، ثم إن شاء تصدق بها، وإن شاء صَامَ عَنْ كُلِّ مُدّ يوماً، فإن انكسر مد في القسمين صَامَ يوماً، لأن الصَّوْمَ لا يتبعض، وإذا تأملت هذا التفصيل عرفت أن للجزاء ثلاثة أركان في القِسْمِ الأول، الحيوان والطعام، والصيام وركنين في الثَّاني، وهما الطعام والصيام وهي أو هما على التخيير في ظاهر المذهب، وعن رواية أبي ثَوْر قول أنها على الترتيب، وهو أضعف الروايتين عن أحْمَدَ، وقال مالك -رحمه الله- إن لم يخرج المثل عن المِثْلِي يقوم الصيد لا المثل. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- لا يجب المِثْلُ، بل عليه قيمة الصَّيْدِ، فإن شاء تَصَدَّق بها، وإن شاء اشترى بها شيئاً من النَّعَمِ التي تجزئ في الأضحية فذبح، وإن شاء صَرَفَهَا إلى الطَّعَامِ، فأعطى كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، أو صاعاً من غيره، أو صام عَنْ كُلِّ نَصْفِ صَاعٍ من بر أو صاعٍ مِنْ غَيْرِهِ يوماً.

وعن أحمد أنه لا يخرج الطعام، وإنما التقويم بالطَّعام لمعرفة قَدْرِ الصِّيَام، وحكاية هذه المذاهب تنبئك أن قوله: في الكتاب (مثله من النعم) ينبغي أن يكون مُعَلَّماً بالحاء.

وقوله: (أو طعام) بالألف.

وقوله: (مثل قيمة النعم) بالميم.

وقوله: (لكل مد يوم) بالحاء.

وقوله: (على التخيير) بالألف والواو،

وإذا لم يكن الصيد مثلياً فالعبرة في قيمته بمَحَلِّ الإتلاف، وإن كان مثلياً وأراد تقويم مِثْله من النَّعَم ليرجع إلى الإطْعَام، أو الصيامَ فالعبرة في قيمته بمكة يومئذ.

هذا نَصُّه، ونقل بعض الشَّارِحِينَ فيه طريقين:

أصحهما: الجريان على ظَاهِر النصين.

أما اعتبار قيمة محل الإتْلاَفِ في الحالة الأولى فقياساً على كل مُتلف متقوم.

وأما اعتبار قيمة مكَّة في الأخرى، فلأن مَحَلَّ ذبح المثلَ مكَّةُ لو كان يذبح، فإذا عدل عنه عدل بقيمته في مَحَلِّ الذبح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015