أحدهما: أن الضمان على الراكب، ولا يطالب به المحرم.
والثاني؟ أنه يطالب المحرم ويرجع بما غرم على الرَّاكِبِ.
وإن ذبح صَيْداً في مخمصة أوكله ضمن؛ لأنه أهلكه لمنفعةِ نَفْسِهِ مِن غير إِيذَاءٍ من الصَّيْدِ. ولو أكره مُحْرِم أو محل في الحرم على قتل صَيْدٍ فقتله فوجهان:
أحدهما: أنا الجزاء على المُكْرِه.
والثاني: على المُكْرِهَ، ثم يرجع على المُكْره، وعن أبي حنيفة: أن الجزاء في صيد الحرم على المكره، وفي الإحرام على المكره (?).
الرابعة: ذكرنا أن الجراد مما يضمن بالقيمة وبيضه مضمون بالقيمة كأصله، فلو وطئها عَامِداً، أو جاهلاً ضمن، ولو عمت المسالك ولم يجد بداً من وَطْئِها فوطئها فَفِي الجَزَاء قولان، وقال الإمام وصاحب الكتاب وجهان:
أحدهما: يجب لأنه قَتَلَها لِمَنْفَعَةِ نَفسِهِ فصار كما لو قتل صيداً في المَخْمَصَةِ.
وأظهرهما: لا يجب؛ لأنها ألجأته إليه، فأشبه صُورةَ الصِّيَالِ.
وحكى الشَّيْخ أبو محمد -رحمه الله- طريقة أخرى قاطعة بأنه لا جَزَاء، فيجوز أن يُعَلَّم قوله: (وجهان) بالواو لذلك. ولو باض صيد في فراشه، ولم يمكنه رفعه إلا بالتعرض للبَيْضِ ففسد بذلك ففيه هذا الخلاف.
قال الغزالي: النَّظَرُ الثَّانِي في الجَزَاءِ فَالَوَاجِبُ في الصَّيْدِ مِثْلُهُ مِنَ النَّعَمِ (ح) أَوْ طَعَامٌ بمِثْلِ قِيمَةِ النَّعَمِ، أَوْ صِيَامٌ يَعْدِلُ الطَّعَامَ كُلَّ يَوْمٍ مُدٌّ، فَإِنَّ انْكرَ مدًا كَمَّلَ وَهُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيّاً كَالْعَصَافِيرِ وَغَيْرِهَا فَقَدْرُ قِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً، وَالعِبْرَةُ في قِيمَةِ الصَّيْدِ بِمَحَلِّ الإِتلاَفِ، وَفِي قِيمةِ النَّعَمِ بَمَحَلِّ مَكَّةَ؛ لأَنَّهُ مَحَلُّ ذَبْحِهِ.
قال الرافعي: الصيد ينقسم إلى مِثْلِي ونعثي به ماله مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، وإلى ما ليس بِمِثْلِي.
أما الأول فجزاؤه على التخيير والتعديل، فيتخير بين أن يذبح مِثْلَه فيتصدق به على مَسَاكِينِ الحَرَمِ، إما بأن يفرق اللَّحم أو يملك جملته إياهم مذبوحاً، ولا يجوز أن يخرجه حياً، وبين أن يقوم المثل دراهم، ثم لا يجوز أن يتصدق بالدراهم، ولكن إن شاء اشترى بها طَعَاماً وتصدق به على مَسَاكِينِ الحَرَم، وإن شاء صام عَنْ كُلِّ مُدٍّ من الطَعَامِ يوماً، حيث كان قال الله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ