ليداويه ويتعهده فمات في يده، هل يضمن؟ فيه قولان كما لو أخذ المَغْصُوبَ مِنَ الغَاصِبِ ليرده على المالك فهلك في يده.
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله- يضمن؛ لأن المستحق لم يرض بيده، فتكون يَدُه يَدَ ضَمَانٍ.
والثاني: لا يضمن، لأنه قصد المَصْلَحة، فتجعل يَدُه ودَيِعَة، والقولان معاً منصوصان في عيون المسائل، وإيراده يقتضي تَرجِيح الثَّانِي مِنْهُمَا، وهو المذكور في الكِتَاب.
الثانية: الناسي كَالْعَامِد في وجوب الجَزَاءِ (?)، في الإثم، أما افتراقهما في الإثم فلما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ" (?) الخبر.
وأما استواؤهما في وجوب الجزاء، فلأن الإتْلاَف يوجب الضَّمَان على العَامِدِ والخَاطِئِ على نسق واحد، بدليل الضَّمَانات الواجبة للآدميين، وخرج بعض الأصحاب في وجوب الضَّمان على النَّاسي قولين؛ لأنه حكى عن نَصِّه قولان فيما إذا أحرم ثُمَّ جُنَّ، وقتل صيداً.
أحدهما: وجوب الضمان لما ذكرنا.
والثاني: المنع؛ لأن الصَّيْدَ على الإباحة، وإنما يخاطب بترك التعرض له من هو أهل للتكليف والخِطَاب.
وقد ذكرنا هذا الخِلاَف مرة في النوع الرَّابع من المَحْظُورَاتِ.
وقوله في الكتاب (والناسي كالعامد) يجوز إعلامه بالواو لذلك، وبالألف أيضاً، لأن أبا نَصْر بنَ الصَّبَّاغِ ذكر أن في رواية عن أحمد لا جزاء على المُخْطِئِ بِحَالٍ.
الثالثة: لو صال الصيد على محرم، أو في الحرم فقتله دفعاً فلا ضمان عليه؛ لأنه بالصيال التحق بالمُؤْذِيَاتِ.
وعن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه يجب، ولو ركب إنسانُ صيداً وصالَ على مُحْرِم ولم يمكن دفعه إلا بقتل الصيد فقتله، فالذي أورده الأكثرون أنه يجب عليه الضَّمَان؛ لأن الأذى هَاهُنا ليس من الصَّيْدِ. وحكى الإمام أن القَفَّالَ -رحمه الله- ذكر فيه قولين: