وأما الأول: وهو قدرة الأجير فلأنه لو كانت الإجارة على الذِّمَّة لم يقدح كَونُه مريضاً بحال؛ لإمكان الاستنابة، ولا يقدح خَوْفُ الطَّريق ولا ضيق الوقت أيضاً إنْ عَيَّنَ غَيْرَ السَّنَةِ الأُولَى.

وأما قوله: (ثم ليبادر الأجير مع أول رفقة) فاعلم أن قضية كلام المُصَنف والإمام تجويز تقديم الإجارة على خروج النَّاس وأن له انتظار خروجهم، ولا يلزمه المبادرة وحده، والذي ذكره جمهور الأصحاب على طبقاتهم ينازع فيه ويقتضي اشتراط وقوع العُقْدِ في زمان خُروجِ النَّاسِ من ذلك البَلد، حتى قال: صاحب "التهذيب": لا يصح استئجار العين إلاَّ في وَقْتِ خروج القَافِلَةِ من ذلك البَلَدِ بحيث يشتغل عُقَيْبَ العَقْدِ بالخُروج أو بأسبابه من شراء الزاد ونحوه، فإن كان قبله لم تصح؛ لأن إجارةَ الزَّمَانِ المُسْتَقبَلِ لا تجوز، وبنوا على ذلك أنه لو كان الاستئجار بمكَّة لم يجز إلا في أشْهُرِ الحَجِّ ليمكنه الاشتغال بالعمل عُقَيْبَ العَقْدِ، وعلى ما أورده المصنف فلو جرى العقد في وقت تراكم الثُّلوج والأنداء فقد حكى الإمام فيه وجهين روى عن شيخه أنه يجوز؛ لأن توقع زَوَالِهَا مَضْبُوط، وعن غيره أنه لا يجوز لتعذر الاشتغال بالعمل في الحال بخلاف انتظار الرفقة فإن خروجها في الحال غير متعذر، والأول هو الذي أورده في الكتاب، وهذا كله في إجارة العين.

فأما الاجارة الواردة على الذِّمَّة فيجوز تقديمها على الخُروج لا محالة (?).

واعلم: أن الكلام في أن الأجير يبادر مع أول رفقة ولا يبادر وحده عند من لا يشترط وقوع العَقْدِ في زمان خُروج النَّاس بتعلق بأحكام العقد وآثاره لاَ بشَرَائِطِهِ، وكان من حق الترتيب أن يؤخره ولا يخلطه بالشَّرَائِطِ.

فرع: ليس للأجير في إجارة العين أن يُنِيب غيْرَه؛ لأن الفعل مُضَافٌ إِلَيْهِ، فإن قال: لتحج عَنِّي بنفسك فهو أوضح، وأما في الإجارة على الذِّمةِ ففي "التهذيب" وغيره أنه إن قال: ألزمت ذمتك لتحصل لي حَجَّةً جاز أن يُنيب غَيْرَه.

وإن قال: لتحج بِنَفْسِك لم يجز؛ لأن الأَعْرَاض تَخْتلف باخْتِلاف أَعْيَان الأُجَرَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015