وإلزام ذمته العمل.

فنظير الأول: من الحَجِّ أن يقول المعضوب: استأجرتك لِتَحُجَّ عَني، أو يقول الوارث: لِتَحُجَّ عَنْ مَيِّتِي.

ونظير الثاني: أن يقول: ألزمت ذِمَّتُكَ تَحْصِيلَ الحَجِّ.

والضربان يفترقان في أمور ستعرفها.

ثم للاستئجار شروط لا بد منها لِيَصِح، وإذا صَحَّ فله آثار وأحكامٌ وموضع ذكر ما يتعلق منها بمطلق الاستئجار "كتاب الإجارة" وفَصَّل هاهنا ما يتعلق بخصوص الحَجِّ فذكر أنه يراعي في الشّروط أربعة أمور، وهذا الفصل يشتمل على اثنين منها.

وشرحها أن كل واحد من ضربي الإجارة إما أن يعين زمان العَمَلِ فيه، أو لا يعين، وإن عين فأما أن يعين السَّنَة الأولى أو غيرها.

فأما في إجارة العين إن عينا السَّنة الأولى جاز بشرط أن يكون الخُروجُ والحجُ فيما بقي منها مقدوراً للأجير، فلو كان مريضاً لا يمكنه الخروج أو كان الطريق مخوفاً أو كانت المسافة بحيث لا تقطع في بقية السّنة لم يصح العقد؛ لأن المنفعة غير مقدور عليها، وإن عينا غير السنة الأولى بطل العَقْدُ كاستئجار الدَّارِ الشهر القابل.

نعم، لو كانت المسافة شَاسِعة لا يمكن قطعها في سَنَةٍ لم يضر التأخير، والمعتبر السَّنة الأولى من سِنِيِّ إمكان الحَجِّ من ذلك البلد.

وإن أطلقا ولم يعينا الزَّمان فهو محمول على السَّنَةِ الأُولَى فيعتبر فيها ما ذكرنا.

وأما في الإجارة الواردة على الذِّمَّةِ فيجوز تعين السَّنَةِ الأُولَى وغيرها، وهو بمثابة الدَّيْنِ في الذِّمَّة قد يكون حالاًّ وقد يكون مُؤَجَّلاً، وإن أطلقا فهو كما لو عينا السنة الأولى (?). إذا عرفت ذلك عرفت أن الأمرين المذكورين في الفَصْلِ لَيْسَا وَلاَ وَاحِدٍ منهما شَرْطاً في مُطْلَق الإِجَارَة.

أما الثاني: فلا مجال له في الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْهَا، ولا هو بمضطرد في الأول كَمَا صَرَّحَ بِهِ في الكِتَاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015