والثاني: وبه قال مالك وأبو حنيفة -رحمهما الله- أنها سُنَّة؛ لما روي عن جابر -رضي الله عنه-: "أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ: لاَ وَإِنْ تَعْتَمِرُوا فَهُوَ أَفْضَلُ" (?).

والأول هو قوله في الجديد، والثاني القديم.

وأشار بعضهم إلى ترديد القول فيه جديداً وقديماً.

وإذا قُلْنَا بالوجوب فهي من شَرَائط مطلق الصِّحة، وصحة المباشرة والوجوب والإجزاء عن عمرة الإسلام على ما ذكرنا في الحَجْ، وفي قوله: (ومهما تحقق وجوب الحج) إشارة إلى أن شرائط وجوب العمرة كشرائط وجوب الحَجِّ، وإن الاسْتِطَاعَة الوَاحِدَة كَافِيَةٌ لهما جميعاً.

قال الغزالي: الطَّرَف الثَّالِثُ فِي الاسْتِئْجَارِ وَالنَّظَرِ فِي شَرَاِئطِهِ وَأَحْكَامِهِ، فَأَمَّا شُرُوطُهُ فَمَذْكُورَةٌ فِي الْإِجَارَةِ، وَلتُرَاعَ هَهُنَا أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: الأَوَّل أَنْ يَكُونَ الأَجِيرُ قَادِراً فَإِنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفاً أَوْ طَالَتِ المَسَافَةُ مَعَ ضِيقِ الوَقْتِ لَمْ يصحَّ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ فِي وَقْتِ الأنْدَاءِ وَالثُّلُوجِ فَإِنْ ذَلِكَ يَزُولُ، ثمَّ لُيُبَادِرِ الأجِيرُ مَعَ أَوَّلِ رُفْقَةٍ وَلاَ يُلْزَمُهُ المُبَادَرَةَ وَحْدَهُ الثَّاني أَنْ لاَ يُضِيفَ لحَجَّ إِلَى السَّنَةِ القَابِلَةِ (ح) إلاَّ إِذَا كانَتِ المَسَافَةُ بِحَيْثُ لاَ تُقْطَعُ فِي سَنَةٍ أَوْ كَانَتِ الإِجَارَة عَلَى الذِّمَّةِ.

قال الرافعي: لك أن تعلم لفظ: (الاستئجار) بالحاء والألف، لأن عندهما لا يجوز الاستئجار على الحَجِّ كما في سائر العبادات ولكن يُرْزَق عليه، ولو استاجر كان ثواب النفقة للآمر، وسقط عنه الخطاب بالحج، ويقع الحَجّ عن الحَاجِّ.

لنا: أنه عمل تَدْخُله النيابة فيجزئ فيه الاستئجار كتفريق الزَّكَاة، وعندنا يجوز الحَجُّ بالرزق (?) كما يجوز بالإجارة، وذلك بأن يقول: حج عني وأعطيك نفقتك، ذكره في "العدة"، وإذا استأجره بالنفقة لم يصح؛ لأنها مجهولة والأجرة لاَ بُدَّ أن تكون معلومةٌ. واعلم أن الاستئجار في جميع الأعمال على ضربين.

استئجار عين الشَّخْصِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015