وأعلم أن الأئمة شرطوا في وُجُوبِ الحج أمرين آخرين لم يصرح بهما في الكتاب.

أحدهما: إمكان المَسِير وهو أن يبقى من الزَّمان عند وجدان الزَّاد والرَّاحِلة ما يمكنه المسير فيه إلى الحَجِّ السير المعهود (?).

أما إذا احتاج إلى أن يقطع في كل يوم أو في بعض الأيام أكثر من مَرْحَلَةٍ لم يلزمه الحَجّ.

والثاني: قال صاحب "التهذيب" وغيره: يشترط أن يجد رفقة يخرج معهم في الوَقْتِ الذي جرت عَادَةُ أهْلُ بَلدِه بالخُروج فيه، فإن خرجُوا قَبْلَه لم يلزمه الخُروجُ مَعَهم، وإن أخَّرُوا الخروج بحيث لا يبلغون إلا بأن يقطعوا أكثر من مرحلة لم يلزمه أيضاً، وفي قوله بعد هذا الفصل (وله أن يتخلف عن أول قافلة) ما يشعر باعتبار وجدان القافلة، ومن أطلق القول باعتباره من الأصحاب فكلامه على غالب الحال، فإن كانت الطرق بحيث لا يخاف الواحد فيها فلا حاجة إلى الرّفقة والقَافِلة، ذكره في "التتمة"، وبهذا الفقه يتبين دخول هذا الشَّرْط تحت اعتبارِ أمْنِ الطَّرِيق، وعن أحمد أن أمن الطَّريق وإمكان السير من شَرَائِطِ الأَدَاءِ دُونَ الوُجوب حتى لو استطاع والطَّريق مخوف أو الوَقْتُ ضَيقٌ استقر الوُجُوب عَلَيْهِ، وروي عن أصحَاب أبي حنيفة -رحمه الله- اختلاف في أن أمْنَ الطَّرِيقِ مِنْ شَرَائِطِ الوجُوب أو الأَداءِ.

قال الغزالي: وَمَهْمَا تَمّت الاسْتِطَاعَةُ وَجَبَ الحَجُّ عَلَى التَّراخِي (م ح ز) وَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ أَوَّل قَافِلَةٍ، فَإنْ مَاتَ قَبْلَ حَجِّ النَّاسِ تَبَيَّن عَدَمَ الاسْتِطَاعَةِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الحَجِّ فَلاَ، وَإِنْ هَلَكَ مَالُهُ بَعْدَ الحَجِّ وَقَبْلَ إيَابِ النَّاسِ تَبَيَّنَ أَنْ لا اسْتِطَاعَةَ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الإيابِ شَرْطٌ في الحَجِّ، فَإنْ دَامَتْ الاسْتِطَاعَةُ إلَى إيَابِ النَّاسِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَرَأَ العَضبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015