وقوله: (مع أمن الطريق) مما يذكر لاستظهار والإيضاح، إلا فقد سبق ما تعرف به اشتراطه.

والثالث: المال، فلو كان يخاف على ماله في الطريق من عدو أو رصدي (?) لم يلزم الحج وإن كان الرصدي يرضى بشيء يسير إذا تعين ذلك الطَّريق، ولا فرق بين أن يكون الَّذين يخاف منهم مسلمين أو كفاراً، لكن إذا كانوا كفاراً أو أطاقوا مقاومتهم فيستحب لهم أن يخرجُوا ويقاتلوا لينَالُوا ثواب الحج والجِهَادِ جميعاً، وإن كانوا مسلمين لم يستحب الخروج والقتال، ويكره بَذْلُ المال للرصديين، لأنهم يحرضون بذلك على التعرض للناس، ولو بعثوا بأمان الحجيج وكان أمانهم موثوقاً به أو ضمن لهم أمير ما يطلبونه وأمن الحجيج لزمهم الخروج، ولو وجدوا من يبذرقهم بأجرة ولو استاجروه لأمنوا في غَالِب الظَّنِّ فهل يلزمهم استأجاره؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه خسران لدفع الظُّلم فأشبه التَّسْلِيم إلى الظالم.

والثاني: نعم؛ لأنه بذل الأجرة بذل مال بحق والمبذرق أهبة من أُهِبَ الطَّرِيق كالرَّالَةِ وغيرها، وهذا أظهر عند الإمام، ورتب عليه لزوم استئجار المَحْرَمِ على المرأة إذا لم يُسَاعدها إِلاَّ بأجرة، وجعل اللّزوم هاهنا أظهر؛ لأن الداعي إلى التزام هذه المؤنة معنى فيها فأشبه زيادة مؤنة المَحْمَل في حق ما يحتاج إليه.

ويشترط لوجوب الحج وجود الزاد والماء في المواضع التي جَرَت العادة بحمل الزَّاد والماء منها، فإن كان العام عام جدب وخلا بعض تلك المنازل عَنْ أَهْلِها أو انقطعت المياه لم يلزمه الحج؛ لأنه إن لم يحمل مَعَه خاف على نفسه، وإن حمله لحقته مؤنة عَظِيمة، وكذلك الحكم لو كان يوجد فيها الزاد والماء ولكن بأكثر من ثَمَنِ المِثْلِ وهو القدر اللائق به في ذلك المَكَان والزَّمان، وإن وجدهما بثمن المثل لزم التَّحْصِيل سواء كانت الأسعار غاليه أو راخصة إذا وَفَّى ماله ويحتمل حملهما قدر ما جرت العادة به في طريق مكَّة حرصها الله لحمل الزَّادِ من الكوفة إلى مكَّة، وحمل الماء مرحلتين أو ثلاثاً إذا قدر عليه ووجد آلات الحمل، وأما عَلَف الدابة فيشترط وجوده في كل مرحلة؛ لأن المؤنة تعظم في حَمْلِهِ لكثرته، ذكره صاحب "التهذيب" "والتتمة" وغيرهما (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015