أَحَدٌ البحر إِلاَّ غَازِياً أَوْ مُعْتَمِراً أَوْ حَاجاً" (?) والوجهان فيما إذا كان الغالب السَّلامة.
أما إذا كان الغالب الهلاكَ فَيَحْرُمُ الركوب، هكذا نَقَله الإمام، وحكى تردداً للأصحاب فيما إذا اعتدل الاحتمال وإذا لم نوجب الركوب، فلو توسط البحر هل له الانصراف أم عليه التمادي؟ فيه وجهان، وقيل: قولان، وهما مبنيان عند الأئمة على القولين في المُحْصَر إذا أحاط العَدُوُّ بهِ من الجَوَانِب هل له التحلل؟ إن قلنا: له التحلل فله الانصراف، وإن قلنا: لا، فلا؛ لَأنه لم يستفد بَه الخَلاَص فليس له الانصراف. قال في "التتمة" وهو المذهب. وموضع الوجهين ما إذا استوى ما بين يديه وما خلفه في غالب الظَّن، فإن كان ما بين يديه أكثر لم يلزمه التَّمَادِي بلا خلاف على القول الذي عليه تفرع، وإن كان أقل لَزِم، وموضعهما عند التَّساوي ما إذا كان له في المنصرف طريق غير البحر، فإن لم يكن فَلَهُ الانصراف بلا خلاف كَيْلاَ يحتاج إلى تحمل زيادة الأخطار، وجميع ما ذكرناه في حَقَّ الرجل. أما المرأة ففيها خلاف مرتب على الرَّجل، وأولى بعدم الوجوب، لأنها أشد تأثراً بالأَهْوَال، ولأنها عورة وربما تَنْكَشِف لِلرِّجَالِ لضيق المكان. وإذا قلنا: بعدم الوجوب فنقول بعدم الاستحباب أيضاً، ومنهم من طرد الخِلاَف، وليست الأنهار العظيمة كجيحون في معنى البحر؛ لأن المقام فيها لا يطول، والخطر فيها لا يعظم، وفيه وجه غريب.
والثاني: البضع. والغرض من ذكره بيان حكم المرأة في الطَّريق، قال في الكتاب: (واستطاعة المرأة كاستطاعة الرجل، ولكن إذا وجدت مُحْرَماً إلى آخره) يسوي بين استطاعة الرجل واستطاعة المرأة إلا فيما يَتَعَلَّق بالمَحْرَم، وليس الأمر على هذا الإطلاق لِمَا مَرَّ من قول من اعتبر المَحْمَل فِي حَقِّها مطلقاً، وأيضاً فلما ذكرناه الآن في رُكوب البَحْرِ. وأما ما يتعلق بالمَحْرَم فاعلم أنه: لا يجب عليها الحَجُّ حتى تأمن على نَفْسِها، فإن خرج معها زَوجٌ أو مَحْرَمٌ إما بنسب أو بغيره فذاك، وإلا فننظر إن وجدت نِسْوَةً ثِقَاتٍ يَخْرُجْنَ فعليها أن تَحُجَّ مَعَهُنَّ (?)، وهل يشترط أن يكون مع واحدة منهن محرم؟ فيه وجهان: