إِلَى الحَجِّ وَجْهَانِ، وَمَنْ لاَ نَفَقَةَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ وَقَدَرَ عَلَى الكَسْبِ لَمْ يَلْزِمْهُ الخُرُوجُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الجَمْعِ بَيْنَ الكَسْبِ وَالسَّفَرِ.
قال الرافعي: المتعلق الثاني: الزاد. ويشترط لوجوب الحج أن يجد الزَّادَ وأوعيَته، وما يحتاج إليه في السَّفَرِ إن كان له أهلٌ وعشيرة في مدة ذهابه وإيابه إلى بلدة لأن لم يكونوا ففي اشتراطه لمدة الإيَاب وجهان:
أحدهما: لا يشترط؛ لأن البلاد في حق مثل هذا الشَّخْصِ متقاربة.
وأصحهما: أنه يشترط؛ لما في الغربة من الوَحْشة ونزاع النفوس إلى الأوطان، ويجري الوجهان في اعتبار الرَّاحِلة للإياب، وهل يخصص الوجهان بما إذا لم يملك ببلدته مَسْكَناً أم لا؟ أبدى الإمام -رحمه الله- فيه احتمالين ورأى الأظهر التَّخْصِيص.
وأغرب أبو عبد الله الحَنَّاطِيَّ فنقل وجهاً في أن مدة الإياب لا تعتبر في حَقِّ ذِي الأَهْلِ والعَشِيرَة أيضاً. ثُمَّ في الفَصْلِ مَسَائِل:
إحداها: يشترط أن يكون الزَّاد والراحلةُ فاضلاً عن نفقة من تلزمه نفقتهم وكسوتُهم مدةَ ذَهَابِهِ ورجوعه.
الثانية: في اشتراط كونهما فاضلين عن المَسْكَن والعبد لمن يحتاج إلى خدمته لَزَمَانَتِهِ، أو لمنصبه، وجهان:
أظهرهما -عند الأكثرين وهو المذكور في الكتاب-: الاشتراط، فيبقى عليه مسكنه وعبده كما يبقيان عليه في الكفارة (?)، ولأنه متعلّق حاجته المهمة، فأشبه دست (?) ثوب يليق بمنصبه، وعلى هذا لو كان معه نقد جاز صرفه إليهما.