رمضانين فالمشهور أنه يلزمه كفارتان بِكُلِّ حال، وعنه رواية أخرى: أنه كاليومين.

وقال أحمد: إذا وَطِئَ في يومين فَكَفَّرَ عن الأول فعليه كَفَّارَةُ أخرى؛ وإن لم يُكَفِّر فلأصحابه فيه اختلاف. لنا أن صوم كل يوم عبادة برأسها، فلا تتداخل كفارتاهما كالحجتين إذا جَامَع فيهما.

الثالثة: إذا أفسد صومه بِالْجِمَاع ثم أنشأً سَفراً طويلاً في يَومِهِ لم تسقط عنه الكَفَّارة؛ لأن السفر المنشأ في أثناء النَّهار لا يبيح الفطر فيه فعروضه لا يؤثر فيما وَجَب مِن الكَفَّارة، وعن صاحب "التقريب" والحَنَّاطِيِّ أن سقوط الكفارة مُخَرَّجٌ على خِلاَفٍ سنذكره في نَظَائِرِهِ، ويروى عن أبي حنيفة -رحمه الله- في المسألة روايتان:

أصحهما: أنها لا تسقط، وصاحب الكتاب لم يرو عنه في "الوسيط" إلا السقوط؛ ولذلك أعلم قوله في الكتاب: (وتجب على من جامع) بالحاء مع الواو.

ولو جامع ثم مرض، ففيه طريقان:

أحدهما: أنه لا تسقط الكفارة أيضاً كالسفر.

أظهرهما: وبه قال مالك وأحمد: أنه لا تَسْقُطِ لأنه هتك حرمة الصَّوم بما فعل.

والثاني: تسقط؛ لأن المرض الطَّارئ يبيح الفطر، فيتبين به أن الصَّوم لم يقع مستحقاً، وبهذا قال أبو حنيفة، ولو طرأ بعد الجِمَاع جنون أو حيض فقولان أشار إليهما في "اختلاف العراقيين". أظهرهما: وبه قال أبو حنيفة: أنها تسقط؛ لأن الجنون والحيض يُنَافِيان الصَّوم، فيتبين بعروضهما أنه لم يكن صائماً في ذلك اليوم.

والثاني: لا تسقط لَقَصْدِه الهَتْكَ أولاً، والمسألة في الحيض مُفَرَّعةٌ على أن المرأة إذا أفطرت بالجِمَاع تلزمها الكَفَّارة، وعروض الموت كعروض الحَيْضِ والجنون.

وإذا جمعت بين المرض والجنون والحيض انتظم فيها ثلاثة أقوال، كما ذكر في الكتاب، فإن ضممت السفر إليها، وتعرضت للطريقة البعيدة، حصلت أربعة أقوال، رابعها أنه يسقط بها دون السفر، والله أعلم.

قال الغزالي: ثُمَّ هَذِهِ كَفَّارَة مُرَتَّبَةٌ ككَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفي وُجُوب القَضَاءِ وَجَوَازِ العُدُولِ مِنَ الصَّوْمِ إِلَى الإِطْعَامِ بِعُذْرِ شِدَّةِ الغُلْمَةِ، وَجَوَازِ تَفْرِيقِ الكَفَّارةِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالوَلَدِ عِنْدَ الفقْرِ، واسْتقرَار الكَفَّارَة في الذِّمَّةِ عَنْدَ العَجْزِ عَنْ جَمِيع هَذِهِ الخِصَالِ وَقْتَ الجِمَاعِ خِلاَفٌ، فَفِي وَجْهٍ نَمِيلُ إِلَى القِيَاسِ وَنَحْمِلُ هَذِهِ القَضَايَا في حَدِيثِ الأعْرَابِيِّ عَلَى خَاصِّيتهمَا، وَفي وَجْهٍ نَعْمَلُ بِظَاهِرِ الحَدِيثِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015