قال الرافعي: القول في كيفية الكَفَّارة إنما يستقصى في "باب الكَفَّارات" (?)، والكلام الجملي أن هذه الكفارة مرتبة كَكَفَّار الظِّهار، فيلزم عتق رقبة، فإن لم يجد فَصِيام شَهْرين، فإن لَمْ يَسْتَطع فإطعام سَتِّين مسكيناً لما ذكرنا في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال مالك: يَتَخَيَّرُ بين الخِصَال الثلاثة، وهو رواية عن أحمد، والأصح عنه مثل مذهبنا. ثم في الفصل صور:

إحداها: إذا أفسد صَوْمَه بالوقاع ولزمته الكفارة، هل يلزمه قَضَاء اليوم الذي أفسده معها؟ فيه ثلاثة أوجه، ومنهم من يقول قولان: ووجه للأصحاب، لأنه حكى عن الإمام أنه قال: يحتمل أن يجب القَضَاء، ويحتمل أن يَدْخُل في الكَفَّارة، ولكل وجه.

أحدهما: أنه لا يجب القَضَاءِ؛ لأن الخَلَلَ الحَاصِلَ قد انجبر بالكَفَّارة، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر الأعرابي [بالقضاء مع] الكفارة.

وأصحهما: أنه يَجِبِ، لأنه روي في بعض الروايات أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل:"وَاقْضِ يَوماً مَكَانَهُ" (?).

وثالثها: أنه إن كفر بالصَّوم دخل فيه القضاء، وإلا فلا لاختلاف الجنس، قال: ولا خلاف في أن المرأة يلزمها القضاء إذا لم تلزمها الكَفَّارة، ولا يتحمل الزَّوج، فإن الكَفَّارة إذا كَانَتْ صوماً لم تتحمل فما ظَنُّك بالقضاء. الثانية: شدة الغلمة هل يكون عذراً في العُدولِ مِنَ الصِّيَامِ إلى الإِطْعَام؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للأعرابي الذي جاءه، وقد واقع: "صُمْ شَهْرَيْنِ"، قال: هل أتيت إلا من قبل الصوم؟ فقال: "أَطْعِم سِتِّينَ مِسْكِيناً" (?).

والثاني: لا، لِمكان القدرة على الصَّوْمِ، وسنذكر ما الأظهر منهما. الثالثة: لو كان من لزمته الكَفَّارة فقيراً، فهل له صَرْفُ الكَفَّارةَ إِلى أَهْلِهِ وأولاده؟ فيه وجهان.

أحدها: نعم لقوله -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي "أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015