وقوله: (ولا عن المُعْسِرة) يشمل ما إذا كَانت معسرةً، وهو قادر على الإعْتَاق، وفي هذه الصُّورة خلاف تقدم، فلا يبعد إعلامه بالواو.

وقوله: (ولا كفارة على من أفطر بغير جماع) معلم بالميم، والحاء، والألف، ويجوز أن يُعَلَّم بالواو أيضاً لأمور:

أحدها: أنه نقل عن "الحاوي" أن أبا علي بن أبي هريرة قال: "تجب بالأكل والشُّرب كفارة فوق كفارة المُرضع، والحَامِل، دُونَ كَفَّارَةِ المُجَامِعِ.

قال: أَقْضَى القُضَاة: وهذا مذهب لا يستند إلى خبر، ولا أثر، ولا قياس.

والثاني: أن أبا خلف الطَبَرِي (?)، وهو من تلاميذه القَفَّالُ اختار وجوب الكفارة، بكل ما يأثم بالإفطار به. والثالث: أن الحَنَّاطِيّ ذكر أن عبد الحكم روى عنه إيجاب الكَفَّارة فيما إذا جَامع فِيمَا دونَ الفرج، فأنزل.

ووطء البهيمة، والإتيان في غير المأتى معلّمان بالحاء والواو.

قال الغزالي: وَلاَ تَجِبُ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَن الصَّبْحَ غَيْرُ طَالِعٍ فَجَامَعَ (ح).

قال الرافعي: إذا ظَنَّ أنَّ الصُّبْحَ غير طَالِعٍ فَجَامع، ثم تَبَيَّن خلافه، فحكم الإِفْطَار قد مر، ولكن لا كفارة عليه؛ لأنه غير مأثُومٍ بما فعل، فلا يَسْتَحِق التَّغْلِيظ.

قال الإمام -رحمه الله-: ومن قال بوجوب الكَفَّارة على النَّاسِي بِالْجِمَاع يقول بمثله هاهنا، لتقصيره بِتَرْكِ البَحثِ، ولو ظَنَّ أن الشَّمْسَ قد غربت فجامع، ثم بأن خلافه، فقد ذكر صاحب "التهذيب" وغيره أنه لا كفارة عليه أيضاً، لأنها تَسْقُط بالشُّبهة، وهذا ينبغي أن يكون مفَرَّعاً عَلَى تجويز الإفطار والحالة هذه، وإلا فتجب الكَفَّارة وفاء بالضَّابِطِ المَذْكُور، ولما يوجب الكفارة.

ولو أكل الصَّائِم نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلاَنَ صَومه فَجَامع، فهل يفطر؟ فيه وجْهَان:

أحدهما: لا، كما لو سَلَّم عن ركعتين من الظُّهْرِ ناسياً، وتكلم عَامِداً لا تبطل صلاتُه.

وأصحهما -ولم يذكر الأكثرون غيره-: أنه يفطر، كما لو جَامَع على ظَنِّ أن الصبح لم يطلع فَبَانَ خِلافُه، وعلى هذا فَلاَ تَجِب الكَفَّارة؛ لأنه وطئ وهو يعتقد أنه غَيْرُ صَائِم. وعن القَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: أنه يحتمل أن تجب الكفَّارة؛ لأن هذا الظن لا يبيح الوَطْءَ، ولو أفْطر المسافرُ بالزِّنَا مترخصاً فلا كَفَارَةٌ عَلَيْه لأنه وإن أثم بهذا الجِمَاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015