وقال أحمد: لا تَجِبْ بالأكل والشُّرب، وتَجِب بالمُبَاشَرَاتِ المُفْسِدَةِ لِلصَّوْمِ.

الثَّالثة: تجب الكفارة بالزِّنَا وَجِمَاع الأَمَةِ، وكذلك بإتْيَانِ البَهِيمَةِ، والإتيان في غَيْر المأتى، ولا فرق بين أن ينزل أو لاَ يَنْزِل.

وذَهَبَ بَعْضُ الأَصْحَابِ إِلَى بناء الكَفَّارة فيها عَلَى الحَدِّ، إن أوجبنا الحَدَّ فيهما أو أوجبنا الكَفَّارة، وإلا فوجهان:

وعند أبي حنيفة -رحمه الله- إِتْيَان البَهِيمَةِ إنْ كَانَ بِلاَ إنْزَال لَمْ يتعلق بِهِ الإِفْطَار فَضْلاً عَنِ الكَفَّارَةِ، وإن كانَ مَعَ الإنْزَال أَفْطَرَ وَلاَ كَفَّارَةَ، وَفِي اللّواطِ هَلْ يتوقف الإِفْطَار عَلَى الإِنْزَال؟ فِيهِ رَوَايَتَانِ، وإذا حَصَلَ الإِفْطَار فَفِي الكَفَّارَةِ روايتان.

والأظهر: أن الإِفْطَار لاَ يتوقف عَلَى الإنْزَالِ، وأَنَّ الكَفَّارَةَ تَجِب.

وعند أحمد تَجِب الكَفَّارَةُ فِي اللَّوَاطِ، وَكذَا فِي إِتْيَانِ البَهِيمَةِ عَلَى أَصَحِّ الرِّوايتين.

واعلم أن المَسَائِلَ الثَّلاث في الفَصْل متعلقة بالقَيْدِ الثَّالِثِ في الضابط، وهو كون الإفساد بِجماع تَامّ فيدخل فيه صور المسأَلة الثالثة، ويخرج صور الثّانية، وأما الأولى قَقَدْ قَصَدَ صَاحِبُ الْكِتَاب بِوَصْفِ الجِمَاعِ بِالتَّمَام لِلاحْتِرَازِ عَنْهَا؛ لأن المرأة إِذَا جُومِعَت حَصَلَ فَسَادُ صَوْمِهَا قَبل تَمَام حَدِّ الْجِمَاع بِوُصُولِ أَوَّلِ الحَشَفَةِ إِلَى بَاطِنِهَا، فالجماع يَطْرَأُ عَلَى صَوْمٍ فَاسِدٍ، وَبِهَذَا الَمَعْنَى عَلَّلَ أصح القولين، وهو أن المرأة لا تؤمر بِإخْرَاجِ الكَفَّارة، ويروى هذا التَّعْلِيل عَنِ الأُسْتَاذِ أبِي طَاهِر، وَطَائِفَةٍ، لكن الأكثرين زَيَّفُوه، وقالوا: يتصور فَسَاد صَوْمِهَا بِالْجمَاعِ، بأن يولج وهي نائمةٌ أو نَاسِيَة، أو مكرهة ثم تستيقظ أو تتذكر أو تُطَاوعُ بَعْدَ الإيلاَجِ وتستديمه، والحكم لا يختلف على القولين، فعلى هذا جماع المرأة إذا قلنا: لاَ شَيْءَ عَلَيْهَا والوجوب لا يلاقيها مثنى عن الضابط.

وقوله: (وفيه قول قديم) أراد به القول الثاني، وهو أنها تُؤْمَر بإخْرَاجِ الكَفَّارة، كَالرَّجُلِ وهذا قد نقله الإمام وصاحب الكتاب في "الوسيط" عن "الإملاء"، وليس تسميتة قديماً من هذا الوَجْه، فَإِنَّ "الإِمْلاَء" محسوب من الكتب الجَدِيدة، ولكن رأيت بعض الأئمة روايته عن القَديم، و"الإملاء" معاً، ويشبه أن يكون به في القديم قولان:

أحدهما: كالجديد؛ لأن المُحَامِلِيّ حَكَى القول الصَّحيح عَنِ الكُتُبِ الجَدِيدَةِ والقَدِيمة جميعاً. وقوله: (ولا يتحمل الزاني) أي على قَوْلِنا: أن الوُجُوبَ يُلاَقِيهَا، والزوج يتحمل. وأما مواضع العَلامات.

فقوله: (ولا على المرأة) مَرْقومٌ بالحاء والميم.

وقوله: (ولا الزوج المجنون، ولا المسافر) كلاهما بالواو لما قدمنا، وليس قوله: (إذ لا كفارة عليهما) خالياً في حق المسافر عن التفصيل، والخلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015