قال الغزالي: وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَهَبٌ مَخْلُوطٌ بِالفَضَّةِ قَدْرُ أَحَدِهِمَا سِتِّمَائَةٍ وَقَدْرُ الآخَرِ أَرْبَعْمَائَةٍ، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ وَعَسُرَ التَّمْييزُ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ سِتَّمَائَةٍ ذَهَباً وَستِّمَائَةٍ نُقْرَةً لِيَخْرُجَ مِمَّا عَلَيْهِ بِيَقِينٍ.
قال الرافعي: لو كان له ذهب مخلوط بفضَّة فإن عرف قدر كل واحد منهما أخرج زكاته، وإن لم يعرف كما لو كان وزن المجمَوع ألفاً وإحداهما ستمائة والآخر أربعمائة وأشكل عليه أن أكثر الذَّهب، أو الفِضَّة فإن أخذ الاحتياط فأخرج زكاة ستمائة من الذَّهَب وستمائة من الفضة فقد خرج عن العُهْدَة بيقين، ولا يكفيه في الاحتياط أن يقدِّر الأكثر ذهباً، فإن الذهب لا يُجْزِئ عن الفِضَّة وإن كان خيراً منها، وإن لم يطب نفساً بالاحتياط فليميز بينهما بِالنَّار (?).
قال الأئمة: ويقوم مقامه الامتحان بالماء بأن يوضع قدر المخلوط من الذَّهب الخالص في ماء ويعلَّم على الموضع الذي يرتفع إليه الماء، ثم يخرج ويوضع مثله من الفضة الخالصة ويعلَّم على موضع الارتفاع أيضاً، وتكون هذه العلامة فوق الأولى؛ لأن أجزاء الذهب أشد اكتنازاً ثم يوضع فيه المخلوط وينظر إلى ارتفاع الماء به أهو إلى علامة الذَّهَب أقرب، أو إلى علامة الفِضّة، ولو غلب على ظَنِّه أن أكثر الذَّهب، أو الفضة فهل له العمل بمقتضاه؟ قال الشيخ أَبُو حَامِدٍ ومن تابعه: إن كان يخرج الزَّكاة بنفسه فله ذلك، وإن كان يسلم إلى الساعي لا يعمل بظنه بل يأخذ بالاحتياط أو يأمر بالتمييز. وقال الإمام: الذي قطَع به أَئمتنا أنه لا يجوز اعتماد الظَّنِّ فيه، ويحتمل أن يجوز له الأخذ بما شاء من التقديرين وإخراج الواجب على ذلك التقدير؛ لأن اشتغال ذمَّتَه بغير ذلك غير معلوم. وصاحب الكتاب حكى هذا الاحتمال وجهاً في "الوسيط".
إذا عرفت ذلك علمت قوله في الكتاب: " (فعليه زكاة ستمائة ذهباً وستمائة نقرة) بالواو"، لهذا الوجه، ولأن على ما ذكره العراقيون قد يجوز الأخذ بِالظَّنِّ فلا يلزم إخراج ستمائة من هذا أو ستمائة من ذلك ثم قوله: "وعسر التمييز فعليه كذا" ليس هذا