بين المكسر والصحيح. وعن بعضهم أنه إن لم يكن في المعاملة فرق بين الصحيح والمكسر جاز أداء المكسر عن الصحيح.

الرابعة: إذا كانت له دراهم، أو دنانير مَغْشُوشة فلا زكاة فيهما ما لم يبلغ قدر قيمتهما نصاباً، خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله- حيث قال: "إن كان العشر أقلّ وجبت فيها الزَّكاة". لنا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرَقِ صَدَقَةٌ" (?). فإذا بلغت نقرتها نصاباً أخرج قدر الواجب نقرة خَالِصَة، أو أخرج من الْمَغْشُوشِ ما يعلم أنه مشتمل على قدر الواجب، ولو أخرج عن ألف درهم مغشوشة خمسة وعشرين خالصة فى تطوع بالفضل، ولو أخرج عن مائتي درهم خالصة خمسة مغشوشة لم يجز، خلافاً لأبي حنيفة. لنا: القياس على ما لو أخرج مريضة عن الصِّحاح وبل أولى؛ لأن الغش ليس بورق، والمريضة إبل، وإذا لم يجزه فهل له الاسترجاع، حكوا عن ابن سريج فيما فرع على "الجامع الكبير" لمحمد فيه قولين:

أحدهما: لا؛ كما لو أعتق رقبة معيبة يكون متطوعاً بها.

وأصحهما: نعم؛ كما لو عَجَّل بالزكاة فتلف ماله.

قال ابن الصَّباغ: وهذا إذا كان قد بين عند الدفع أنه يخرج عن هذا المال، ثم ذكر الشَّافعي -رضي الله عنه- في هذا الموضع كراهة الدرهم المغشوش، فقال الأصحاب في شروحهم: يكره للإمام ضرب الدراهم المغشوشة (?)؛ لئلا يغش بها بعض النَّاس بعضاً، ويكره للرَّعِيَّة ضَرْب الدراهم وإن كانت خالصة، فإنه من شأن الإمام، ثم الدراهم المغشوشة إن كانت مضبوطة العيار صَحَّت المعاملة (?) بها إشارة إلى عينها الحاضرة والتزاماً لمقدارِ منها في الذِّمة، وإن كان مقدار النّقرة منها مَجْهُولاً ففي جواز المُعَامَلة بأعيانها وجهان: أصحهما الجواز: لأن المقصود رَوَاجُهَا وهي رائجة بمكان السِّكة، ولأن بيع الغالية والمعجونات جائز، وإن كانت مختلفة المقدار فكذلك هاهنا. والثاني: المنع، وبه أجاب القفال؛ لأنها مقصودة باعتبار ما فيها من النقرة وهي مجهولة القدر، والإشارة إليها لا تفيد الإحاطة بقدر النقرة فأشبه بيع تراب المعدن وتراب الصاغة، فإن قلنا بالأول فلو باع بدراهم مطلقاً ونقد البلد مغشوش صَحَّ العقد ووجب من ذلك النَّقْد، وإن قلنا: بالثاني لم يَصِحّ العقُدُ، ومواضع العلامات من الفَصْل بَيِّنَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015