بعض الثمار دون بعض فإن كان الباقي نصاباً زكاة، وإن كان أقل من نصاب فيبنى على أن الإمكان شرط الوجوب أو الضّمان إن قلنا بالأول فلا شيء عليه، وإن قلنا بالثاني فعليه حصة الباقي.
الثانية: لو أتلف المالك الثمرة أو أكلها، نظر إن كان قبل بُدُوّ الصّلاح فلا زكاة عليه، لكنه مكروه إن قصد الفرار من الزَّكَاة وإن قصد الأكل أو التخفيف عن الشجرة أو غرضاً آخر فلا كراهة، وإن كان بعد بدو الصلاح ضمن للمساكين ثم له حالتان:
إحداهما وهي المقصودة في الكتاب: أَنْ يَكُونَ ذلك بعد الخَرْص، فإن قلنا: الخَرْص عبرة فيضمن لهم قيمة عشر الرطب أو عشر الرطب فيه وجهان: مبنيان على أن الرطب مثلى أو مُتَقَوّم، والذي أجاب به الأكثرون إيجاب القيمة، وهو المذكور في الكتاب، لكن الثاني هو المطابق لقوله في "الغصب" والأظهر أن الرطب والعنب مِثْلي، وبه أجاب في "الوسيط"، وإن قلنا: الخرص تضمين غرم للمساكين عشر الثمر، فإن ذلك قد ثبت في ذمته بالخرص على التفصيل الذي سبق. إذا عرفت ذلك قوله: "غرم قيمة عشر الرطب" بالواو، واعلم أن الصواب في عبارة الكتاب على القول الثاني أو عشر التمر على قولنا إنه تضمين، وفي أكثر النسخ أو قيمة عشر التمر وهو غلط.
والحالة الثانية: أن يكون الأكل والإتْلاَف (?) قبل الخَرْص فيتقرر عليه، والواجب عليه ضمان الرطب (?)، إن قلنا: لو جرى الخَرْص كان عبرة، وإن قلنا: لو جرى لكان تضميناً فوجهان حكاهما الصيدلاني.
أصحهما: أن الواجب عليه ضمان الرّطب أيضاً؛ لأن قبل الخَرْص لا يصير التَّمْر في ذمته.
والثاني: عليه عشر التمر؛ لأن الزَّكَاة قد وجبت ببدو الصَّلاح، وإذا أتلف فهو الذي منع الخَرْص فصار كما لو أتلفه بعد الخرص. وحكى القاضي ابن كَجٍّ وجهاً آخر عن أبي إسحاق وابن أبي هريرة في هذه الحالة: أنه يضمن أكثر الأمرين من عشر التمر أو قيمة عشر الرطب. واعلم أن الحالتين جميعاً مفروضتان في الرّطب الذي يجيء منه التمر، والعنب الذي يجيء منه الزّبيب، فإن لم يكن كذلك فالواجب في الحالتين ضمان الرطب بلا خلاف.