يدل على انْقِطاع حقهم عنها، ولم أر نقل الخلاف في هذا الأصل هكذا إلاَّ لأصحاب القَفّال ومن تابعهم، وإن تعرضوا لإثاره، وجعله القاضي ابن كج وجهين لابن سريج، وذكر أن أبا الحسين قال بالثاني، وإن قلنا: الخرص عبرة فلو ضمن الخارص المالك حق المساكين صريحاً وقبله المالك كان لغواً ويبقى حقهم على ما كان، وقد فسر الإمام قولنا: إنه عبرة بأنه يفيد الإطْلاَع على المقدار ظَنًّا وحسباناً ولا يغير حكماً، وذكر صاحب الكتاب مثله في "الوسيط"، وليس الأمر فيه على هذا الإطلاق؛ لأنه يفيد جواز التصرف على ما سيأتي، ولو أتلف رب المال الثمار أخذت الزكاة منه بحسب ما خرص عليه، ولولا الخرص لكان القول قوله في ذلك، وإن قلنا: إنه تضمين، فهل يقول نفس الخرص تضمين أو لا بد من تصريح الخارص بذلك؟ نقل الإمام فيه وجهين.

قال: والذي أراه أنه يكفي تضمين الخارص إن اعتبرناه، ولا حاجة إلى قبول المخروص عليه وما عليه الاعتماد، وأورده المعظم أنه لا بد من التَّصريح بالتضمين وقبول المَخْروص عليه، فإن لم يضمنه الخَارص أو لم يقبله المَخْروص عليه بقي حق المَسَاكين على ما كان. وهل يقوم وقت الخرص مقام الخرص؟ ذكروا فيه وجهين أيضاً (?)، وجه قولنا: نعم، أن العُشر لا يجب إلا تمراً، والخرص يظهر المقدار لا أنه يلزم بنفسه شيئاً، وينبغي أن يرتب هذا على المسألة الأولى، إن قلنا: لا بد من التصريح بالتضمين لم يقم وقت الخرص مقامه بحال، وإن أغنينا عنه فحينئذ فيه الخلاف.

وقوله في الكتاب: "على قولنا: إنه تضمين" يجوز أن يُعَلَّم بالحاء، لما ذكرنا من الرواية الثانية عن أبي حنيفة -رحمه الله- في الفصل قبل هذا. إذا تقرر هذا الأصل ففيه ثلاث مسائل:

إحداها: لو أصابت الثمار آفة سماوية أو سرقة إما من الشجرة أو من الجَرِين قبل الجَفَاف نظر إن أصابت الكل فلا شيء عليه لفوات الإمكان وهذه الحالة هي المرادة في الكتاب، ولا يخفى أن الفرض فيما إذا لم يكن منه تقصير. فأما إذا أمكن الدّفع فأخر أو وضعها في غير الحِرْز ضمن.

قال الإمام: وكان يجوز أن يقال تفريعاً على أن الخرص تضمين: أن الضَّمَان يلزم بكل حالٍ ويلزم بالخرص ذمته التمر إلزام قرار، لكن قطع الأصحاب بخلافه، وإن تلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015