ذكر الخلاف فيه في الكتاب في "باب الغَصْب" وجعل الأظهر أنهما مِثْليان، فمن قال به حمل النص على ما إذا لم يوجد المثل (?).

ولو جف عند الساعي نظر إن كان قدر الزكاة أجزأ وإلا رد التَّفَاوت أو أخذ، هكذا قال العراقيون، والأولى وجه آخر ذكره القاضي ابن كَجٍّ وهو أنه لا يجزئ بحال لفساد القبض من أصله. وقوله في الكتاب: "فلو أخذ الرطب في الحال كان بدلاً" أراد به أنه لا يقع الموقع؛ لأن البدل لا يجزئ في الزَّكاة إلا إذا فرضت ضرورة. واعلم أن ما ذكرناه أصلاً وشرحاً في أخذ الرطب مما يجيء منه التّمر والزبيب، فإن لم يكن كذلك فسيأتي.

قال الغزالي: وُيسْتَحَبُّ (ح) أَنْ يُخَرّصَ عَلَيْهِ فَيُعْرَفَ مَا يَرْجِعُ إلَيهِ تَمْرًا، وَيَدْخُلُ فِي الخَرْصِ جَمِيعُ النَّخِيل، وَلاَ يُتْرَكُ بَعضُهُ (و) لِمَالِكِ النَّخِيلِ، وَهَلْ يَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ كالحَاكِمِ أَوْ لاَ بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ كَالشَّاهِدِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ.

قال الرافعي: الأصل في الخَرْص ما روينا من حديث عتاب بن أسيد (?). وروي أيضاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "خَرَصَ حَدِيقَةَ امرَأَةٍ بِنَفْسِهِ" (?). وإنما يكون ذلك في الثمار دون الزروع؛ لأنه لا يمكن الوقوف عليها لاستتتارها، وأيضاً فإن الزروع لا تؤكل في حال الرّطوبة والثمار تؤكل، فيحتاج المالك إلى أن يخرص عليه، ويمكن من التصرف فيها ووقته بدُّو الصلاح. لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَبعَثُ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ خَارِصاً أَوَّلَ مَا تَطِيبُ الثَّمَرَةُ" (?).

وكيفيته أن يطوف بالنَّخلة ويرى جميع عَنَاقِيدها ويقول: خرصها كذا رطباً، ويجيء منه من التمر كذا، ثم يأتي نخلة أخرى فيفعل بها مثل ذلك إلى أن يأتي على جميع ما في الحديقة، ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقي عليه؛ لأنها تتفاوت، وإنما يخرص كل نَخْلة رطباً ثم تمراً؛ لأن الأَرْطَاب تَتَفَاوت فمنها: ما يكون أكثر نماء وأقل تمراً، ومنها ما يكون بخلاف ذلك، فإن اتَّحَدَ النوع جاز أن يخرص الجميع رطباً ثم تمراً، وفي الفصل بعد هذا مسألتان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015