إحداهما: هل تدخل النّخيل كلها في الخرص؟ الصَّحيح المشهور إدخال الكُل لإطلاق النّصوص المقتضية لوجوب العشر. وعن صاحب "التقريب" أن للشافعي -رضي الله عنه- قولاً في القديم أنه يترك للمالك نخلة أو نخلات يأكل منها أهله، ويختلف ذلك باختلاف حال الرجل في قلة عياله وكثرتهم (?). قال: وذلك في مقابلة قيامه بتربية الثمار إلى الجُذَاذ وتعبه في التَّجفيف. وقد يحتج له بما روي أن النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا خَرَصْتُمْ فَاتْرُكُوا لَهُمُ الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَتْرُكُوا الثُّلُثَ، فاتْرُكُوا لَهُمُ الرُّبُعَ" (?).
ومن قال بالصحيح قال: إما مؤنة الجُذَاذ والتَّجْفِيف فهي من خالص مال المالك، وكذا مؤنة التَّنْقِية في الحُبُوب لما سبق أن المستحق لهم هو اليَابس، وأما الخبر فهو محمول على ترك البعض لربِّ المال عند أخذ الزَّكَاة ليفرقه بنفسه على أقاربه وجيرانه، أي: لا يؤخذ بدفع جميع ما خرص عليه أولاً.
الثَّانية: هل يكفي خارص واحد أم لا بدَّ من اثنين؟ فيه طريقان:
أظهرهما: أن المسألة على قولين:
أحدهما: أنه لا بد من اثنين؛ لأن الخرص تقدير للمال فأشبه التقويم.
وأصحهما وبه قال أحمد: أنه يكفي واحد؛ لأنه يجتهد ويعمل على حسب اجتهاده، فهو كالحاكم، وقد روي أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- "بَعَثَ عبد الله بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصاً (?) "، وروي "أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُ غَيْرَهُ" (?). فيجوز أن يكون ذلك في دفعتين، ويجوز أن يكون المبعوث معه معيناً أو كاتباً. وحكى القاضي ابن كج وغيره قولاً ثالثاً: وهو إن كان الخَرْص على صبي أو مَجْنُون أو غائب فلا بد من اثنين وإلاَّ كفى واحداً.
والطريق الثاني وبه قال ابن سُرَيج والإصْطَخْري: القطع بأنه يكفي خارص واحد، وسواء أكتفينا بواحد أو اعتبرنا اثنين فلا بد من أَنْ يَكُون الخارص مسلماً عدلاً عالماً بالخَرْص، وهل تعتبر الذُّكُورة والحرية؟