بالإبقاء لم تقطع الثمرة؛ لأن فيه إضراراً بالمساكين (?)، ثم فيه قولان:

أحدهما: ينفسخ البيع لتعذر إمضائه، فإن البائع يبتغي القَطْع لشرطه وهو ممتنع لما ذكرنا.

وأصحهما: أنه لا ينفسخ فإنه عيب حدث بعد البَيْع، لكن إن لم يرض البائع بالإبقاء ينفسخ البيع، وإن رضي البائع بالإبقاء وَأَبَى المشتري إلا القَطع فوجهان:

أحدهما: يفسخ أيضاً.

وأصحهما: أنه لا يفسخ؛ لأن البائع قد زاده خيراً، والقطع إنما كان لحقه حتى لا تَمْتَصُّ الثمرة ماء الشجرة، فإذا رضي تركت الثمرة بحالها ولو رضي البائع ثم رجع كان له ذلك؛ لأن رضاه إعارة، وحيث قلنا: يفسخ البيع ففسخ فعلى من تجب الصدقة؟ فيه قولان:

أحدهما: على البائع؛ لأن الفسخ كان لشرط القطع فاستند إلى أصل العَقْد.

وأصحها: أنها على المشتري لأن بدو الصلاح كان في ملكه فأشبه ما لو فسخ بعيب، فعلى هذا لو أخذ السّاعي من غير الثمار رجع البائع على المشتري.

وقوله: "فينعقد سبب وجوب إخْراج الثمرة والحَب عند الجَفَاف" معناه إنا وإن قلنا: إن بدو الصلاحّ واشتداد الحب وقت الوجب، فلا نكلفه بالإخراج في الحال، لكن ينعقد حينئذ سبب وجوب إخراج الثمرة والزبيب والحب المصلى، ويصير ذلك مستحقاً للمساكين يدفع إليهم بالأجرة، ولو أخرج الرطب في الحال لم يجز؛ لما روي عن عتَّاب بن أَسِيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فِي زَكَاةِ الْكَرْمِ أَنَّهَا تُخْرَصُ كَمَا تُخْرَصُ النَّخْلُ، ثُمَّ تؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيباً كمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ الرَّطَبِ تَمْراً" (?).

ولأن المُقَاسَمَة بيع على الصَّحِيح وبيع الرطب بالرطب لا يجوز، فلو أخذ السَّاعي الرطب لم يقع الموقع، ووجب الرد إن كان باقياً، وإن كان تالفاً فوجهان الذي نص عليه وقاله الأكثرون أنه ترد القيمة.

والثاني: أنه يرد المثل، والخلاف مبنى على أن الرّطب والعِنَب مِثْلِيّان أم لا، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015