ولو تقدم الوجوب عليه لبعثه قبل ذلك، ولو تأخر عنه لما بعثه إلى ذلك الوقت، ووقت الوجوب في الحبوب اشتدادها؛ لأنها حينئذ تصير طعاماً كما أن حمل النَّخْل والكَرْم عند بدو الصَّلاَح يصير ثمرة كاملة، وهو قبل ذلك بَلْحٌ وحِصْرٌ، هذا هو المشهور.
وفي "النهاية" أن صاحب "التقريب" حكى قولاً غريباً أن وقت الوجوب هو الجَفَاف والاشتداد، ولا يتقدمِ الوجوب على الأمر بالأداء، وفي "الشامل" أن الشيخ أبا محمد حكى عن القديم أنه أوْمَأَ إلى أن الزَّكَاة تجب عند فعل الحصاد (?)، فيجوز أن يعلم قوله في الكتاب: "وهو الزهو في الثمار والاشتداد في الحبوب" لهذين.
والكلام في معنى بدو الصلاح، وأن بدو الصلاح في البعض كبدوه في الكلّ على ما هو مذكور في كتاب البيع (?)، ولا يشترط تمام اشتداد الحب، كما لا يشترط تمام الصلاح في الثمار، ويتفرع على المَذهب المشهور أنه لو اشترى نخيلاً مثمرة أو ورثها قبل بدوِّ الصَّلاحَ ثم بدا الصَّلاحَ بعد ذلك فعليه الزَّكَاة، ولو اشترى بشرط الخيار فبدا الصَّلاحَ في زمان الخِيَار، فإن قلنا: الملك للبائع فالزكاة عليه، وإن أمضى البيع، وإن قلنا: للمشتري فالزكاة عليه وإن فسخ البيع، وإن قلنا بالوقف فأمر الزكاة موقوف أيضاً.
وفرع ابن الحداد على هذا الأصل أنه لو باع المسلم نخيله المثمرة قبل بدو الصَّلاح من ذمِّي فبدا الصَّلاح في ملكه فلا زكاة على واحد منهما، أما الذِّمي فظاهر، وأما المسلم فلأن الثمرة لم تكن في ملكه وقت الوجوب، ولو عاد إلى ملكه بعد بدو الصلاح ببيع مستأنف أو بهبة أو تقابل أورد بعيب فلا زكاة عليه أيضاً؛ لأنه لم تكن في ملكه حين الوجوب، والبيع من المُكَاتب كالبيع من الذِّمِّي فيما ذكرنا، ولو باع النَّخل من مسلم قبل بدو الصلاح فبدا الصلاح في ملك المشترى ثم وجد بها عيباً، فليس له الرَّدُّ إلا برضا البائع؛ لأنها تعلق بها حق الزكاة فكان كعيب حدث في يده، فإن أخرج المشتري الواجب إما من تلك الثمرة أو من غيرها، فالحكم على ما ذكرنا في زكاة النَّعَم في الشرط الرابع أما إذا باع الثمرة وحدها قبل بدو الصلاح فهذا البيع لا يصحّ إلاَّ بشرط القطع، فإن شرطه ولم يتفق القطع حتى بدا فيها الصَّلاحَ فقد وجب العشر، وينظر فإن رضيا بإبقائها إلى أوان الجُذَاذ جاز والعشر على المشتري، وعن الشيخ أبي حامد أن الشيخ أبا إسحاق حكى قولاً آخر: أنه ينفسخ البيع؛ لأنه لو اتفقا عليه عند البيع لبطل البيع، فإذا وجد هذا الشرط المبطل بعده ينفسخ والصحيح الأول، وإن لم يرضيا