القاضي ابْن كَجٍّ القولين هاهنا والمشهور الفرق، وإن عسر أخذ الواجب من كل نوع فإن كثرت الأنواع وقل مقدار كل نوع فما الذي يؤخذ. حكي عن صاحب "الإفصاح" فيه ثلاثة أوجه:

أصحها: وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يكلف بالإِخْرَاج من كل نوع لما فيه من العسر، ولا يكلف بالإخراج من الأجود ولا نرضى بالرديء، بل يؤخذ من الوسط رعاية للجانبين.

والثاني: أنه يؤخذ من كل نوع بالقسط كما إذا قلَّت الأنواع.

والثالث: أنه يؤخذ من الغالب ويجعل غيره تبعاً له، وروى القاضي ابن كج في المسألة طريقين:

أحدهما: القطع يأخذ الوسط.

والثانى: أَنَّ فيه قولين:

أحدهما: أخذ الوسط.

والثاني: أخذ الغالب.

إذا عرفت ذلك فأعلم قوله: "فإن عسر فالوسط" بالواو، واعلم أنه ليس المراد وجوب إخراج الوسط حتى لا يجوز أخذ غيره، بل لو تحمل العسر وأخرج من كل نوع بالقسط جاز ووجب على الساعي قبوله، فإذا أراد الساعي أخذ العشر كيل لرب المال تسعة وأخذ الساعي العاشر، وإنما يبدأ بجانب المالك؛ لأن حقه أكثر ولأن حق المساكين إنما يتبين به، ولو بدأ بجانبهم فَرُبَّمَا لا يفي الباقي بحقّه فيحتاج إلى رد ما كِيلَ لهم، وإن كان الواجب نصف العشر كِيلَ لربِّ المال تسعة عشر، وأخذ الساعي العشرين، وإن كان الواجب ثلاثة أرباع العشر كِيلَ لرب المال سبعة وثلاثون، وللمساكين ثلاثة ولا يهز المِكْيَال ولا يزلزل ولا توضع اليد فوقه ولا يمسح؛ لأن ذلك مما يختلف فيه، بل يصب فيه ما يحتمله ثم يفرغ.

قال الغزالي: الطَّرَفُ الثَّالِثُ، فِي وَقْتِ الوُجُوبِ وَهُوَ الزَّهْوُ فِي الثِّمَارِ وَالاشْتِدَادُ فِي الحُبُوبِ، فَينْعَقِد سَبَبُ وُجُوبِ إِخْرَاجِ التَّمْرِ وَالحَبِّ عِنْدَ الجَفَافِ وَالتَّنْقِيَةِ، فلَوْ أَخْرَجَ الرُّطَبَ فِي الحَالِ كَانَ بَدَلاً.

قال الرافعي: وقت وجوب الصَّدَقَة في النَّخْل والكَرْم والزّهو وهو بدوُّ الصلاح؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ حِينَئِذِ يَبْعَثُ الْخَارِصَ لِلْخَرْصِ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015