وعدمه، فإن كان لامتثالهم أثر فَالإِشْكَالُ بحاله.
ومنها: قال بعضهم: المراد منه أن يُقَالَ للميت إذا ندبوه أكنت كَمَا يقولونه، ولك أَنْ تقول: لا شك أن هذا السلام توبيخ له، وتخويف وهو ضرب من التَّعذيب، فليس في هذا السلام سوى بيان نوع التَّعذيب فلم يعذب بما يفعلون. ومنها: أن قوله "ببكاء أهله" أي: عند بكاء أهله، وإنما يعذب بذنبه. قال القَاضي الحُسين: يجوز أن يكون الله تعالى قدر العفو عنه إن لم يبكوا عكليه وانقادوا لقضائه، فإذا جزعوا عوقب بذنبه، وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "رَحِمَ اللهُ عُمَرَ، ولله مَا كَذَبَ، وَلَكِنَّهُ أَخْطَأ، أَوْ نَسِيَ إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى يَهُودِيَّةٍ وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهَا، فَقَالَ إِنَّهُمْ يَبْكُونَ، وإنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا" (?). فهذه الرواية مجراة على ظاهرها، ومبينة أن المراد من قوله: "ببكاء أهله" ما سبق، وكأنه قال: هي معذبة، فما ينفعها بكاؤهم عليها والله أعلم.
قال الغزالي: مَنْ تركَ صَلاةً وَاحِدَةً عَمْداً وَامْتَنَعَ عَنْ قَضَائِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الرَّفَاهِيَةِ وَالضَّرُورَةِ قُتِلَ (ح) بِالسَّيْفِ وَدُفِنَ كمَا يُدْفَنُ سَائِرُ المُسْلِمينَ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَلاَ يُطْمسُ قَبْرُهُ، وَقِيلَ: لاَ يُقْتَلُ إلاَّ إِذَا صَارَ التَّرْكُ عَادَةً لَهُ، وَقيلَ: إِذَا تَرَكَ ثَلاَثَ صَلَوَاتٍ، واللهُ أَعْلَمُ.
قال الرافعي: أخر حجة الإسلام -رحمه الله- هذا الباب إلى هذا الموضع، وهو في ترتيب المُزَنِّي وجمهور الأصحاب مقدم على كتاب "الجَنَائز" ولعلّه أليق، ومقصود السلام في عقوبة تارك الصلاة، فنقول: تارك الصلاة ضربان:
أحدهما: أن يتركها جاحداً لوجوبها، فهذا مرتدٌّ تجري عليه أحكام المرتدين، إلا أن يكون قريب عهد بالإِسْلام، ويجوز أن يخفى عليه ذلك، وهذا لا يَخْتَصُّ بِالصَّلاة،