بل يجري في جحود كُلِّ حكم مجمع عليه (?).

والثاني: أنْ يتركها غير جاحد، وهو ضربان:

أحدهما: أن يترك بعذر من نوم أو نسيان فعليه القضاء لا غير، ووقت القضاء موسع.

والثاني: أن يترك من غير عذر بل كَسَلاً أو تهاوناً بفعلها، فلا يحكم بكُفْرِه خلافاً لأحمد، وبه قال شِرْذَمة من أصحابنا، حكاه الحَنَّاطي وصاحب "المهذب" وغيرهما.

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئاً كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّة، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْد، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الجَنَّةَ" (?). ويشرع القتل في هذا القسم حدًّا، وبه قال مالك خلافاً لأبي حنيفة حيث قال في رواية: لا يتعرض لتارك الصلاة، فهي أمانة بينه وبين الله -تعالى- وحده والأمر فيها موكول إلى الله -تعالى-.

وقال في رواية: إنه يحبس ويؤدب حتى يصلّي، وبه قال المزني. لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذَّمَةُ" (?)؛ ولأنها ركن من الخمسة لا يدخلها النِّيابة ببدن ولا مال، فيقتل تاركه كالشَّهادتين. إذا عرف ذلك نُفَرِّع عليه مسائل:

إحداها: في عدد الصَّلاة المستحق بتركه القَتْل، وظاهر المَذْهَب اسْتِحْقَاق القَتْلِ بترك صلاة واحدة، فإذا تضيق وقتها طالبناه بفعلها، وقلنا له: إن أخرتها عن وقتها قتلناك، فإذا أخَّرها فقد اسْتَوْجَبَ القتل، ولا يعتبر بضيق وقت الثَّانية، وبهذا قال مالك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015