أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "فَإذَا وَجَبَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكيَةٌ" (?) وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ابْنَهُ إِبْرَاهِيمَ فِي حِجْره، وَهُوَ يَجُودُ بنَفْسِهِ فَذَرَفَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقِيْل لَهُ في ذلِكَ فَقَال: إِنَّهَا رَحْمَةٌ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ، ثُمَّ قَالَ العَيْنُ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِي رَبَّنَا" (?). والندب حرام، وهو أن يعدّ شَمَائل الميت، فيقال وَاكَهْفَاهُ وَجَبَلاَهُ ونحو ذلك، وكذا النِّيَاحة والجزع بضرب الخَدِّ وشق الثوب ونشر الشَّعر كُلُّ ذَلِكَ حرام، لما روي أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَعَنَ اللهُ النَّائِحَةَ والمُسْتَمِعَةَ" (?). وروي أنه قال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ" (?). ولو فعل أهل الميت شيئاً من ذلك لم يعذّب الميت به، قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (?). وما روي من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" (?). وفي رواية: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَاباً عَلَى عَذَابِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ". فقد أوّلوه من وجوه:
منها: قال المزني: بلغني أنهم كانوا يوصون بالنَّدب (?) والنياحة، وذلك حمل منهم على المَعْصية، وهو ذنب فزيدوا عذاباً بذلك إذا عمل أهلهم بوصيتهم، ولك أَنْ تَقُولُ: ذنب الميّت الحمل على الحرام والأمر به فوجب أَنْ لا يختلف عذابه بالامْتِثَال