وقد جاء عن ابن الأثير أن التقديم في قول الله - عز وجل -: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:5) لمكان نظم الكلام ولمراعاة حسن النظم السّجعي (?)
الاقتصار على هذا الأثر النفسي للقيم الصوتية في البيان القرآني غير عَلِيّ القول به بل هنالك ما يصاحبه من الأثر الموضوعيّ المتعقل الذي لا يخحسن البتة الغفلة عن صحبته له، وغن كان لطيفًا في بعض المقامات.
***
وأما النوع الثانى: إيقاع المعاني فإنَّ ذلك بادٍ فيما يكون بين معانى المفردات فى العبارة وبين أنماط التراكيب فى الجمل، وما بين الفصول والمعاقد من توازٍ وتقابلٌ، وترديدٌ، وذلك فى العربية ظاهرة شائع، وهو فى القرآن الكريم جد بديع، فقد وصفه الله - سبحانه وتعالى - بأنَّه كتاب متشابه مثانٍ:
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الزمر:23) (?)