حلالاً فيكون النبيذ حلالاً من جنس الخمر الذي حرام، والنظائر الحرير أنه حرام ويجوز قدر أربعة أصابع للرجال، وكذلك الذهب والفضة ووجدت لقولهم دليلاً من قول بعض السلف عن بعض أهل البيت أنهم ذكروا مثل ما ذكر بعض الأحناف، وقال: إن نهر طالوت كان كثيره حراماً وقليله حلالاً فعلم أن لقول ذلك البعض من الحنفية أصلاً، وأما أدلة الحنفية فمنها ما أخرجه أبو داود ص (164) ج (2) باب الأوعية: «فإن اشتد فاكسروه بالماء وإن أعياكم فأهرقوه» إلخ وسنده جيد، وقيل في الجواب: إن الاشتداد الغلظة لا الإسكار، وهذا مهمل لأن الاشتداد المستعمل في المسكرات والأنبذة بمعنى المسكر كما في مسلم ص (167) ج (2) : «ينبذ حتى يشتد» إلخ، قيل: إن المراد بالاشتداد الحموضة، وأقول: أي فائدة في الإهراق في هذه الصورة فإن دفع الحموضة ممكن بالماء أيضاً، والماء المختلط بالنبيذ يكون أصلح من الماء القراح، فأي نفع في الإهراق؟ ولأبي حنيفة آثار عمر في موطأ مالك ص (258) : طبخوا حتى ذهب ثلثاه وبقي الثلث إلخ، وفيه قال عبادة بن الصامت: أحللتها والله إلخ، وله أثر ابن عمر في البخاري في كتاب المغازي ص (627) وله أيضاً ما في الطحاوي ص (326) ج (2) أثر عمر الفاروق عن فهد نا عمر بن حفص نا أبي نا الأعمش إلخ: أن نبيذاً له عرام فذكر شدة لا أحفظها إلخ بسند صحيح، وفي الطحاوي لفظ وله غرام بالغين المعجمة وهو غلط، والصحيح بالعين أدلتنا المهملة كما قال النحاس في كتاب الناسخ والمنسوخ تلميذ الطحاوي وهو الذي أجاب عن أدلتنا جميعها من جانب الجمهور، وقال الحافظ: إن هذا أصح الآثار وفيه ص (327) حدثنا روح بن خرج نا عمرو بن خالد إلخ: فشربت من نبيذه وكان أشد النبيذ إلخ، وفيه ص (326) حدثنا ابن أبي داود نا أبو صالح ثني الليث إلخ، وأسانيد الكل صحاح وفي سند الثالث معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان الليفي وهو سهو الكاتب والصحيح
التيمي وله آثار أخر في كتاب الآثار لمحمد بن حسن قوية السند، وأجاب الجمهور، بعض الأجوبة نافذ لا البعض الآخر، وأجاب الحافظ عما أخرجه أبو داود في الفتح بأن الاشتداد لم يكن واقعاً بل كان خوف الاشتداد، ولقوله نفاذ سيما إذا كان في الدارقطني عن أبي هريرة لفظ خشية الاشتداد، وأما جواب أثر الموطأ فنقول: إن ذكر الإسكار ليس فيه، فالجواب أن مراد عبادة أن نبيذ التمر أو العنب لا يكون دائم البقاء إلا أن يصير خمراً أو خلاً، وإذا طبخ فيصير دائم البقاء فإما يصير خلًّا وهو حلال أو خمراً فيكون حراماً، والناس يشربونه على إفتائك ويكون حلواً فالحاصل أنه يصير مسكراً بعد مدة يسيرة فيشربه الناس ويزعمون أنه حلو ويسكرهم هذا، فهذا الأثر لم يتعرض إليه الحافظ لكنه تعرض إلى آثار الطحاوي، والجواب بأن المراد من الشدة الحموضة فبعيد، وأما قول: إن الشدة شدة الحلاوة فخلاف ما يستعمل الاشتداد في المسكرات، فالحاصل أن الحافظ لم يتيسر له الجواب من آثار الطحاوي، وأقول: إن الباب باب النصوص من القرآن والأحاديث وضروريات الدين فلا بد من محامل تلك الآثار، ولكنها تكفي الاعتذار من جانب أبي حنيفة، وما في النسائي عن راوٍ أن نبيذ عمر كان صار