الشعراء إلا ابن رشيق وابن شرف وأكثر ما يكون الشعراء فيها طارئين عليها " (?) زدْ على ذلك أن اكثر الذين شاركوا في الفتح إنما كانوا من الجماعات العسكرية أو من أهل التجارة والصناعة. وأننا حين درسنا حياتهم الثقافية وجدنا الاتجاه إلى الفقه من بعد أغلب عليهم من أية دراسة أخرى. وكان هذا الفقه هو طابعهم القوي الذي يريدون أن يطبعوه على بيئة مسيحية، كما كان فيما بينهم مقياساً لصحة التعامل المادي، في باب التجارة والصناعة والزراعة، وهو في الوقت نفسه النواة التي تقوم حولها فكرة الجهاد في حياتهم العسكرية. نعم إن الفتح قد حول كثيراً من السكان الأصليين إلى الإسلام، ولكن أكثر هؤلاء كانوا من العبيد، وقد كانت الملكة فيهم مقتولة بطول الاستعباد، ولا شك في أن حالهم تحسن بعد الفتح، ولكن المهاجرين كانوا ينظرون إليهم أيضاً نظرة من عل، ويحتقرونهم كما احتقرهم ابن حوقل الذي سماهم " العجم الغم الصم والبكم " ويصورهم ابن الصباغ في رسالة له بصورة الوحوش الضارية التي يتأذى منها أصحاب الأملاك وأهل الثراء. فارضُ ابن الصباغ " بين يأكلون الشجر قبل الثمر، ويرعون الأب قبل الحب، وما آمن مع ما أحدقت به من الأسوار، وخرجت في النفقة عن المقدار، أن يوجفوا إليها بالجوالق، وينقضوا فيها كالسواذق، كما يفعلون في بستان فلان الذي أنفق فيه عمره وماله، وصرف غليه همه واهتباله ن فهو في الشتاء من علوج الزبر والحفر، وأصحاب الغرس والبذر، فإذا بلغت ثمرته ووجبت غلته، حام عليه بنو حام، وبم يمتنع منهم بحارس ولا حام، وأحيط بثمره، فاصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها " (?) وقد أخذ الإفريقيون المهاجرون منذ البدء يحسون بأنهم متميزون عن السكان الأصليين، وهذا هو ما عنته صيحة أسد بن الفرات في جيشه حين قال يحمسهم: " هؤلاء عجم الساحل، هؤلاء عبيدكم لا تهابوهم " (?) . ومع الزمن اصبح هناك