بركة للماء تطردُ ... للصبا في متُها زَرَد
بات في أحشائها قمرٌ ... مثلُ قلب الصبّ يرْتعدُ ومن الأماكن الأخرى مكان سماه أبو القاسم الكلبي " البروج " وقال فيه (?) :
ألا رُبّ يوم لنا بالبروج ... بخْيلِ الضّياء جواد القِطٌار
كأن الشقيقَ بها وجنةٌ ... بآخرها مقلةٌ من عذار
كأن البنفسجَ في لونه اخ؟ ... تلاطُ الظلام بضوء النهار
وسوسنها مثلُ بِيضِ القبابِ ... بأوساطها عُمد من نضار وأبو القاسم الكلبي، صاحب هذه القطعة، من اكثر الشعراء التفاتاً إلى الطبيعة، وطريقته في الوصف قائمة على محاولة التشبيه في كل بيت، وهي طريقة ابن حمديس نفسه. وهذه القطعة وما سبقها تدل على مدى الضعف في شعر الطبيعة عند شعراء صقلية. وليس في الإكثار من الأمثلة كبير غناء.
الحقيقة الثانية: الأجناس التي أنتجت الشعر الصقلي:
يتبين لنا مما سبق أن الذين أنتجوا الشعر الصقلي ينقسمون حسب الاستقرار في ثلاث فئات (أ) صقليين أصلاً أو ولادة عاشوا أكثر حياتهم في الجزيرة (ب) صقليين هاجروا صغاراً وبقيت النسبة عالقة بهم. (ج) مهاجرين وفدوا على صقلية وتفاوتت فيها إقامتها، ولا شأن لنا بالفئتين الثانية والثالثة وإنما نوجه اهتمامنا إلى الفئة الأولى. ومن الصعب أن نتلمس في هذه الفئة شاعراً صقلياً من تلك العناصر الأصلية كالإغريق والطليان فأكثر الشعراء الذين وصلتنا أسماؤهم من أبناء العناصر التي هاجرت مع الفتح إلى صقلية واتخذتها دار إقامة. وأول حقيقة هامة في هذه العناصر أنها إفريقية، وأن حظها من التميز الأدبي كان ضئيلاً يقول ابن خلدون في أهل المغرب: " وكذلك أشعارهم، كانت بعيدة عن الملكة، نازلة عن الطبقة، ولم تزل كذلك لهذا العهد، ولهذا ما كان بإفريقية من مشاهير