في اليمن، تفرّقت في البلاد» (?) !

فالخبر المذكور عن كعب -في أحسن أحواله- لا يعدو ذكره لمجرد الإخبار دون تصديق ولا تكذيب، أما اعتقاده، واعتباره حقيقةً مسلّمة، والبحث له عن محل في الحقبة التي نعيش؛ فهذا لا يمكن إلاّ بتحريف، وهكذا كان، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

وهذا التحريف واللعب والعبث بالنصوص هو السّمة الظاهرة لهؤلاء، وهذه أمثلة تدلل على ذلك:

نقل الطبري في «تاريخه» (8/145-146) في (حوادث سنة 163) عن أبي بُدَيل -وكان من أصحاب صناعة الدولة-، قال: بعث إليَّ -أي: الربيع والحسن في غزاتهما مع الرشيد أيام أبيه- قال: فجئتُ وعندهما رجل، فقالا لي: هذا غلام الغمر بن يزيد، وقد أصبنا معه كتاب الدولة.

قال: ففتحت الكتاب، فنظرت فيه إلى سِني المهدي؛ فإذا هي عشر سنين، قال: فقلتُ: ما في الأرض أعجب منكما! أتريان أنّ خبر هذا الغلام يخفى، وأنّ هذا الكتاب يستتر! قالا: كلاّ.

قلتُ: فإذا كان أمير المؤمنين قد نقص من سنيه ما نقص، أفلستم أوّل من نعى إليه نفسه! قال: فتبلّدوا والله، وسُقط في أيديهما!

فقالا: فما الحيلة؟

قلتُ: يا غلام! عليّ بعنبسة -يعني: الوراق الأعرابي، مولى آل أبي بديل-، فأتى به، فقلت له: خطّ مثل هذا الخطّ، وورقة مثل هذه الورقة، وصيّر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015