يريدون أحاديث ترقق وتنفق، والصحاح تقلّ في هذا» (?) .
قال: «وما أكثر ما يعرض عليَّ أحاديث ذكرها قصاص الزمان، فأرُدّها عليهم، ويحقدون عليَّ، فأُرسل أقول لهم: ما يتهيّأ لكم مع وجود هذا الناقد إنفاقُ زائف» (?) .
قلتُ: هذا في زمان ابن الجوزي، والنقاد والعلماء متوافرون، وأما في زماننا، فواغوثاه! وقد امتنع شعبة بن الحجاج من تحديث القصاص، فلما سئل عن ذلك، أجاب بقوله: «يأخذون الحديث منّا شبراً فيجعلونه ذراعاً» (?) .
وقال أيوب السختياني: «ما أفسد على الناس حديثهم إلا القُصَّاص» (?) .
ومما يلحق بصنيع القَصَّاصين قديماً -إلقاءً وتصنيفاً- ما قام ويقوم به بعضهم من التنقير عن نصوص في كتب فيها تعدٍّ جريء على الغيب؛ مثل: «الجفر» (?) ، وكتب النبوءات، وما في الإسرائيليات، وإسقاطها على الواقع، دون وجود أدله صريحة صحيحة، وأمارات قوية رجيحة.
وصاحَبَ ذلك: شيوعُ المنكرات، وغربةُ الإسلام، وتحقُّقُ بعض ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من الأحاديث التي فيها ذكر الفساد الخلقي وغيره، والاضطهاد العالمي للمسلمين، والطمع في خيرات بلادهم، وتدهور حال الأمة، وتداعي الكفار عليهم؛ ففزع فريق من الناس -مع قلّة ضبط، وكثرة خبط- إلى أخبار يبحثون فيها عن حَلٍّ، وخروج من الأزمة!