رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عمر بن الخطاب نور في الإسلام، وسراج لأهل الجنة» ، فرجعا فحدّثاه، فدعا بدواة وقرطاس وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، حدثني سيدا شباب أهل الجنة، عن أبيهما المرتضى، عن جدهما المصطفى أنه قال: «عمر نور في الإسلام في الدنيا، وسراج أهل الجنة» ، وأوصى أنْ تجعل في كفنه على صدره، فوضع، فلما أصبحوا وجدوه على قبره، وفيه: صدق الحسن والحسين، وصدق أبوهما، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمر نور الإسلام، وسراج لأهل الجنة» (?) .
ومن العجب أنْ تبلغ الوقاحة بمثل هؤلاء القصاص حتى يسودوا الصحائف بمثل هذا الكذب البارد، الذي يشير كل حرف منه على منزلة مؤلفه، وأعجب منه أنْ يتجرأ هذا الكاذب فيعرض كتابه على كبار فقهاء عصره ليكتبوا عليه تصويب ذلك المصنف، وصدق ابن الجوزي إذ يقول: «فلا هو عرف أن مثل هذا محال، ولا هم عرفوا، وهذا جهل متوفر عُلِم به أنه من أجهل الجهَّال الذين ما شمُّوا ريح النقل، ولعله قد سمعه من بعض الطُّرقيين» (?) .
هذه بعض بصمات القُصّاص التي يظهر فيها الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوضع في الحديث، وقد تركت أثراً سيئاً على المجتمع مما استنفذ جهد السلف في كشفها وبيان عوارها، كما حصل -تماماً- في هذا الزمان مع هذه الدراسات العابثة الغُثائية، غير الجادة، واللا مسؤولة، ورحم الله ابن الجوزي لما قال:
«معظم البلاء في وضع الحديث إنما يجري من القصّاص؛ لأنهم