«دخلت باجروان -مدينة بين الرقة وحران-، فحضرت مسجد الجامع، فلما فرغنا من الصلاة قام بين أيدينا شاب، فقال: حدثنا أبو خليفة، حدثنا الوليد، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قضى لمسلم حاجة فعل الله به كذا ... » وذكر كلاماً طويلاً، فلما فرغ من كلامه، دَعَوْتُه، فقلت: من أين أنت؟ قال: من أهل بردعة. قلت: دخلت البصرة؟ فقال: لا. قلت (?) : رأيت أبا خليفة؟ قال: لا. قلت: فكيف تروي عنه وأنت لم تره؟ فقال: إنّ المناقشة معنا من قلة المروءة، أنا أحفظ هذا الإسناد الواحد، فكلما سمعت حديثاً ضممته إلى هذا الإسناد فرويته، فقمت وتركته» (?) .
وأخبار القُصّاص التي ذكرها علماؤنا (?) تعكس مدى تجرئهم على الله ورسوله، ووقوعهم في الكذب والتخرص، ولم يكتف هؤلاء القصاص بالقيام عقب الصلوات، وإراقة ماء الوجه والاسترزاق بالكذب حتى طرقوا باب التأليف وصناعة الكتابة في تنفيق كذبهم ونشر أباطيلهم؛ فقد ذكر ابن الجوزي أنّ قَصّاصاً معاصراً (?) له صنف كتاباً في تلك الترّهات، وذكر من كذبه: أن الحسن والحسين دخلا على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهو مشغول، فلما فرغ من شغله، رفع رأسه، فرآهما، فقام فقبلهما، ووهب لكل واحد منهما ألفاً، وقال: اجعلاني في حل، فما عرفت دخولكما، فرجعا وشكرا بين يدي أبيهما علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقال عليٌّ: سمعت