وذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف؛ بموت، أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف، سمي خليفة؛ لأنه خلف عن الغزو وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله -تعالى-، وهو منزه عنها، فإنه حي قيوم، شهيد، لا يموت ولا يغيب ... ولا يجوز أن يكون أحد خلفاً منه، ولا يقوم مقامه، إنه لا سَمِيَّ له، ولا كفء، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به» .
ومما يدل على ذلك: ما أخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (1/333 رقم 958) بسندٍ حسن عن ابن سيرين، قال: «لا يخرج المهدي حتى يُقتل من كلِّ تسعةٍ سبعةٌ» . والقتل هذا هو المذكور في الأحاديث السابقة.
قال ابن حجر في «الفتح» (13/81) عند شرحه لهذا الحديث: «يوشك أن يحسر الفرات ... » وأورد حديث ابن ماجه، وسكت عليه، وقال عقبه:
«فهذا إن كان المراد بالكنز فيه: الكنز الذي في حديث الباب، دلّ على أنه إنما يقع عند ظهور المهدي، وذلك قبل نزول عيسى، وقبل خروج النار جزماً، والله أعلم» .
وأقره عليه صديق حسن خان في «عون الباري» (6/422) ، وصاحب «تكملة فتح الملهم» (6/288) ، وأغرب بعضهم لما قال: «المراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة» !! فالذي يستخرج كنز الكعبة ذو السُّويقتين من الحبشة، والدليل عليه:
ما أخرجه أحمد (5/271) بسندٍ حسن في الشواهد من طريق أبي أمامة ابن سهل بن حُنيف، قال: سمعتُ رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اتركوا