ووصل إلى بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة، ممن لا يُؤمِن بالله ولا باليوم الآخر، فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية، وجنودُ بغداد في غاية القلة ونهاية الذِّلَّة، لا يبلغون عشرةَ آلاف فارس، وهم في غاية الضعف، وبقيةُ الجيش كلُّهم قد صُرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثيرٌ منهم في الأسواق وأبواب المساجد، وأنشد فيهم الشعراء القصائد يرثون لهم، ويحزنون على الإسلام وأهله، وذلك كلُّه عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي، وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب شديدة، نُهبت فيها الكَرْخُ مَحَلَّةُ الرافضة، حتى نُهبت دورُ قَرابات الوزير، فاشتد حنقُه على ذلك، فكان هذا مما أهاجه على أن دبَّر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع الذي لم يُؤَرَّخْ أشنعُ منه منذ بُنيت بغداد، وإلى هذه الأوقات (?) ،
ولهذا كان أولَ من برز إلى التتار هو، فخرج في أهله وأصحابه وخدمه وحشمه، فاجتمع بالسلطان هولاكوقان -لعنه الله تعالى-، ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة، فاحتاج الخليفةُ إلى أن خرج في سبع مئة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورءوس الأمراء والدولة والأعيان، فلما اقتربوا من منزل السلطان هولاكوقان حُجبوا عن الخليفة إلا سبعة عشر نفساً، فخلص الخليفة بهؤلاء المذكورين، وأُنزل الباقون عن مراكبهم ونُهبت، وقُتلوا عن آخرهم، وأُحضر الخليفة بين يدي