هولاكو فسأله عن أشياء كثيرة، فيقال: إنه اضطرب كلامُ الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت، ثم عاد إلى بغداد وفي صحبته خواجا نصيرٌ الطوسي -لعنة الله عليه-، والوزير ابن العلقمي وغيرُهما، والخليفةُ تحت الحَوْطة والمصادرة، فأحضَر من دار الخلافة شيئاً كثيراً من الذهب والحُلِي والمَصاغ والجواهر والأشياء النفيسة، وقد أشار أولئك الملأُ من الرافضة ... -لعنة الله عليهم- وغيرُهم من المنافقين على هولاكوقان أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير: متى وقع الصلحُ على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاماً أو عامين، ثم يعود الأمرُ إلى ما كان عليه قبل ذلك.

وحسّنوا له قتلَ الخليفة، فلما عاد الخليفةُ إلى السلطان هولاكوقان أمر بقتله، ويقال: إن الذي أشار بقتله الوزيرُ ابن العلقمي والنصيرُ الطوسيُّ، وكان النصير عند هولاكوقان قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الأَلْموت وانتزعها من أيدي الإسماعيلية، وكان النصير وزيراً لشمس الشموس ولأبيه من قبله علاء الدين بن جلال الدين، وكانوا ينتسبون إلى نزار بن المستنصر العُبَيدي، وانتخب هولاكوقان النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم هولاكوقان وتهيَّب من قتل الخليفة هوّن عليه الوزيران ذلك، فقتلوه رَفْساً وهو في جُوالق؛ لئلا يقع إلى الأرض شيءٌ من دمه، خافوا أن يُؤخذ بثأره فيما قيل لهم، وقيل: بل خنقٌ. ويقال: غُرِّق. فالله أعلم. فباءوا بإثمه وإثم من كان معه من سادات العلماء والقضاة والأكابر والرؤساء والأمراء وأولي الحل والعقد ببلاد بغداد، ومالوا على البلد، فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشُّبان، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش، وقُنِيّ (?) الوسخ، وكمَنوا كذلك أياماً لا يظهرون، وكان الفئام من الناس يجتمعون في الخانات، ويُغلقون عليهم الأبواب، فتفتحها التتارُ إمّا بالكسر أو بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015