الإسلام والقيام بأداء واجباته ونبه بأعلاها على أدناها ... ولهذا كثيراً ما يقرن بين الصلاة والزكاة وقد جاء في الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة". الحديث. وقال أبو إسحاق عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: أمرت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومن لم يزك فلا صلاة له. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أبى الله أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة وقال: يرحم الله أبا بكر ما كان أفقهه ... وقال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري .. عن الربيع بن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا يشرك به شيئاً فارقها والله عنه راض". قال: وقال أنس: هو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء، وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل الله، قال الله -تعالى-: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ). قال: توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. ثم قال في آية أخرى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ). ورواه ابن مردويه ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة اهـ.

وقال الإمام الطبري: "فإن تابوا" يقول فإن رجعوا عما هم عليه من الشرك بالله، وجحود نبوة نبيه محمد إلى: توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد والإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، اهـ.

قلت: وكذلك أيضاً قوله -تعالى-: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (?). قال القرطبي قوله تعالى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ). أي عن الشرك والتزام أحكام الإسلام (فَإِخْوَانُكُمْ) أي: فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ) قال ابن عباس: حرمت هذه (الآية) دماء أهل القبلة. اهـ.

وقال الإمام البغوي: (فَإِن تَابُواْ). من الشرك (.. فَإِخْوَانُكُمْ) فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ) لهم ما لكم وعليهم ما عليكم اهـ.

قلت: فهذه الآية نص في أن القتال لا يرتفع عن المشركين كافة إلا بالتوبة وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، واتفق السلف على أن المراد بالتوبة: البراءة من الشرك، وخلع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015