عبادة الأوثان والأنداد والطواغيت، وكل ما يعبد من دون الله مع التزام أحكام الإسلام. وأن هذه الآية مع الحديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة". قد اتحد معناهما وانتظما واتفقا المفسرين عند تفسير هذه الآية بإتيان هذا الحديث وأمثاله لهو أدل الدليل على أن الحديث أيضاً يثبت نفس المعنى، وهو أن القتال لا يرفع إلا بالانتهاء عن الشرك والتزام أحكام الإسلام، وهو مراد قوله -صلى الله عليه وسلم- إلا بحقها.

ويؤكّد هذا أيضاً الحديث الصحيح الصريح: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله". ولهذا قال ابن العربي في كتابه أحكام القرآن فانتظم القرآن والسنة واطردا ولذلك بوّب إمام المحدثين البخاري باباً في صحيحه: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ). ثم ساق بسنده عن ابن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله".

قال الحافظ: .... "وإنما جعل الحديث تفسيراً للآية لأن المراد بالتوبة في الآية الرجوع عن الكفر إلى التوحيد ففسره قوله صلى الله عليه وسلم: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله". وبين الآية والحديث مناسبة أخرى لأن التخلية في الآية والعصمة في الحديث بمعنى واحدة" (?) اهـ.

قلت: فمن هذا يعلم أن عصمة الدم والمال تكون: بالتلفظ بالشهادتين والعمل بمقتضاهما وهو إفراد الله بالتأله، والبراءة من عبادة الآلهة التي تعبد من دون الله، وإلا لو قالها العبد: ولم يعمل بها لم يعصم دمه وماله إذا كان متلبساً بالشرك ساعة نطقه بالشهادتين. وأما إذا قالها العبد متشهداً بها شهادة الإسلام فالواجب حمله على الإسلام عملاً بما أقر به لسانه مع افتراض أنه عالم بمعناها عامل بمقتضاها، فإذا ظهر منه خلاف هذا حكم ردته.

قال الإمام الشوكاني: وليس مجرد قول: لا إله إلا الله، من دون عمل بمعناها مثبتاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015